والإمكان ونقيضه ، والوجوب ونقيضه إلى غير ذلك من الاعتبارات العقليّة. وتجدّد المؤثرية لا يقتضي كونها ثبوتية في الخارج ، بل في العقل ، كما في سائر الإضافات (١).
وفيه نظر ؛ فإنّا قبل ثبوت الأبوة لزيد نتصوّرها له ، ولا نحكم له بها ، ولو حكمنا بها له (٢) ، كان جهلا لعدم المطابقة ، فإذا ثبتت له بالفعل ، حكمنا له بها ، وكان الحكم مطابقا. فلا بدّ من اعتبار أمر آخر غير الذهن ينسب الثبوت إليه ، بحيث تثبت المطابقة بالنسبة إليه وعدمها.
وأجاب أفضل المتأخرين عن أصل المعارضة : بأنّ هذا التقسيم ، قد يتوجه على ما يحكم بوجوده (٣) ضرورة ، كما إذا قيل : لو كنت موجودا الآن ، لكان كوني الآن إمّا أن يكون عدميّا أو وجوديّا ، والقسمان باطلان.
أمّا الأوّل ، فلأنّه نقيض اللاكون في الآن ، وهو عدميّ ، ونقيض العدمي ثبوتي.
والثاني باطل ، لأنّه إمّا أن يكون عين الذات ، فلا تبقى الذات عند ما لا يبقى حصولها في ذلك الآن ، أو يكون مغايرا لها زائدا عليها ، فيكون حاصلا في ذلك الآن ، ويلزم التسلسل. ولمّا كان الحصول في ذلك الآن يفضي إلى هذه الأقسام الباطلة كان باطلا ، فلا يكون للذات حصول في شيء من الآنات (٤) ، وهو يستلزم البطلان بالضرورة. وإذا كان هذا التقسيم مبطلا للضروريّات ، قضت الضرورة ببطلانه (٥).
واعترضه أفضل المحققين : بأنّ الأمر ليس كما قاله ، لأنّ الكون في الزمان أمر
__________________
(١) قوله : «وتجدد المؤثّرية» آخر استدلال ذكره المعترض في المحصل ، انظر الجواب في نقد المحصل ١١٧ ، والعلّامة الحلّي أشكل عليه ، كما في المتن.
(٢) م : «حكم له بها».
(٣) في المصدر : «فيما نعلم وجوده بالضرورة».
(٤) م : «الأوقات».
(٥) نقد المحصل : ١١٤ ـ ١١٥.