إلى غيره ، هو الحاصل قبل الأذهان ، لا الذي يحصل في العقل ، فإنّ ذلك يستحيل أن يحصل قبل وجود العقل (١).
وفيه نظر ؛ فإنّ هذه الحيثية ، لو كانت ثابتة ، فإمّا في الذهن وهو محال لثبوتها قبله ، أو في الخارج ، فلم يكن نفس ذات المؤثر ، لانفكاكهما تعقلا ، ولأنّها صفة لا يعقل قيامها بذاتها ، فتكون مغايرة ، ويلزم وجود ما لا يتناهى من الصفات ، لعدم تناهي المضاف إليه بالمتأثرية (٢).
قوله : «اللامؤثرية عدمية ، فنقيضها وجودي» غلط ، لأنّ اللازم من قولنا : «اللامؤثرية عدمية» الوجوديّة مؤثريّة بطريق عكس النقيض. وهذا الغلط نشأ من باب إيهام العكس (٣).
وفيه نظر ؛ فإنّ المعترض لم يستدل بعكس النقض ، بل بأنّ المؤثرية واللامؤثرية ، أمران متناقضان لا يمكن اجتماعهما وجودا وعدما ، فإذا كان أحدهما ثبوتيا وجب أن يكون الآخر عدميّا وبالعكس ؛ ولمّا كانت اللامؤثرية عدمية وجب أن تكون المؤثريّة وجودية.
والتحقيق في الجواب : أنّ المؤثرية واللامؤثرية وصفان اعتباريان ، حكمهما في الثبوت والعدم واحد ، ولا تحقق لهما في الخارج. ولا يجب أن يكون أحد النقيضين وجوديا والآخر عدميا ، بل يجب أن يكون أحدهما موجبا والآخر سالبا ، وذلك عائد إلى القول والعقد ، لا إلى الحصول في الخارج ، كالامتناع ونقيضه ،
__________________
(١) هذا الجواب من أستاذه المحقق الطوسي في نقد المحصل : ١١٦ ، وللعلّامة الحلّي فيه نظر ، كما ترى في المتن.
(٢) م : «التأثيرية».
(٣) اصطلاح منطقي قد مرّ توضيحه في الصفحة ٤٥ ، والقول : «بأن المؤثّرية وجودية» من هذا الباب ، لأنّه وضع أحد جزئي القضية مكان الآخر ، فالصحيح ، كما في العبارة أن نقول : «الوجودية مؤثرية».