المعنى بعينه موجود ، لكن بعبارة أخرى ، فإذن هذا البرهان مبني على [ما] (١) يتضمنه الحكم البديهي المذكور الذي عدل عنه إلى ذلك البرهان ، فهذا البرهان فضلة (٢) لا يحتاج إليه (٣).
وأقول : الحكم «باحتياج الممكن إلى المؤثر» ، أظهر عند العقل من الحكم «بأنّ الممكن ما لم يجب لم يوجد» ، ولهذا توقف في الحكم الثاني جماعة جزموا بالحكم الأوّل ، واكتفوا بمطلق الرجحان الشامل للمانع من النقيض وغير المانع. ولأنّ الرجحان أعمّ من الوجوب ، والأعم أظهر.
وعن الثاني : أنّ التأثير وصف اعتباري عقلي إضافي ، يثبت في العقل عند تعقّل صدور الأثر عن المؤثر ، فإنّ تعقّل ذلك يقتضي ثبوت أمر في العقل هو المؤثرية ، كما في سائر الإضافات ، والفرق بين الصدور والتأثير ظاهر ، فإنّ الأوّل إضافة الأثر إلى مؤثره ، والثاني إضافة المؤثر إلى أثره. وعدم مطابقته للخارج ، لا يقتضي كونه جهلا ، وإنّما يكون جهلا لو حكم بثبوته في الخارج ولم يثبت ، أو بالعكس. واعتقاد قدم العالم مع أنّه ليس كذلك ، يدلّ على ما ذكرنا في تفسير الجهل ، لا على ما ذكره السائل. وعدم مطابقته لا يقتضي أن لا يكون شيء مؤثرا أصلا ، بل إذا حكم بثبوته في العقل فقط ، فمطابقته ثبوته في العقل دون الخارج.
قوله : «كون الشيء مؤثرا في غيره صفة للشيء قبل الأذهان ، فلا يعقل قيامها بالذهن المغاير للموصوف المتأخر (٤) عنها».
قلنا : كون الشيء بحيث لو عقله عاقل حصل في عقله إضافة لذلك الشيء
__________________
(١) ما بين المعقوفتين من المصدر.
(٢) ق : حذفت العبارة من «مبنى» إلى «فضلة».
(٣) نقد المحصل : ١١٥ ـ ١١٦.
(٤) ق : «والمتأخّر».