فإمّا أن يكون حدوثه حال وجوده أو حال عدمه ، فإن حدث حال وجوده فقد وجد الموجود ، وإن حدث حال عدمه فقد وجد عند عدمه. فظهر أنّ هذا التقسيم مبطل للضروريات (١).
واعترضه أفضل المحققين : بأنّ هذا الكلام (٢) باطل ، ودال على تحيّره في أمثال هذه المواضع. وقد يمكن أن يقال فيه ما يقول المتأخرون من المتكلّمين الذين لا يقولون بمقارنة العلّة والمعلول في الزمان ، فإنّهم يقولون : الثبوت الذي يوجد في الآن الثاني يصدر من موجده في الآن الذي قبله ، فيكون التأثير سابقا على الآثر بآن ، ويقع بالقياس إلى ما يحصل بعده ، سواء كان الأثر موجودا في ذلك الآن بتأثير آخر أو معدوما ، ويكون الأثر في آن التأثير غير موجود ، وفي الآن الذي يصير موجودا لا يكون مقارنا للمعدوم (٣).
وعن الرابع : أنّ المؤثر يؤثر في الماهية.
قوله : «إنّه محال ، لأنّ كون السواد سوادا بالغير ، يوجب أن لا يكون السواد سوادا عند عدم الغير».
قلنا : إذا فرض السواد ، وجبت سواديّته بسبب الفرض ، وجوبا لاحقا مترتبا على الفرض ، ومع ذلك الوجوب يمتنع تأثير المؤثر فيه ، فإنّه (٤) يكون إيجادا لما (٥) فرض موجودا. أمّا قبل فرضه سوادا ، فيمكن أن يوجد المؤثّر السواد على سبيل الوجوب ، ويكون ذلك الوجوب سابقا على وجوده ، والفرق بين
__________________
(١) نقد المحصل : ١١٥.
(٢) وهو قوله : «هذا التقسيم مبطل للضروريات».
(٣) في المصدر : «للعدم» ، نقد المحصل : ١١٧.
(٤) م : «لأنّه».
(٥) ق : «بما».