الوجوبين (١) ظاهر (٢). وهذه المغالطة نشأت من قبل اشتراك اللفظ بين الوجوب السابق واللاحق ، لأنّ الوجوب يدلّ على المعنيين بالشركة اللفظية (٣).
وأيضا إذا قلنا : «فنى السواد» معناه : أنّ السواد الحاصل في زمان ليس بحاصل في زمان بعده ، ويكون حمل غير الحاصل على المتصوّر منه ، لا على الموجود الخارجي ، فإنّ الوضع والحمل يكونان في العقل (٤) لا في الخارج أصلا ، وهكذا القول في حصول الوجود من موجده. وإن قيل : تأثير المؤثر في جعل الماهية موصوفة بالوجود ، كما ذهب إليه القائلون بشيئية المعدوم (٥) ، لم يتعلق ذلك بموصوفية الماهية بالوجود ، لأنّ ذلك أمر إضافي يحصل بعد اتّصافها به ، والمراد من تأثير المؤثر هو ضمّ الماهيّة إلى الوجود ، ولا يلزم ما ذكر من المحال (٦).
وفي قوله (٧) : «أمّا قبل فرضه سوادا ، فيمكن أن يوجد المؤثر السواد على سبيل الوجوب» يقتضي أن يكون تأثير الفاعل ليس إلّا في الوجود ، وليس هو الذي اختاره ، بل الوجه أن يقول : أمّا قبل فرضه سوادا فيمكن أن يؤثر المؤثر في كونه سوادا.
__________________
(١) ق وج : «الوجودين» ، هكذا في نسخة من نقد المحصل ، والصواب ما أثبتناه في المتن من نسخة : م.
(٢) مذكور في الكتب الحكميّة.
(٣) فكل ممكن محفوف بوجوبين : أحدهما سابق على وجوده ، وهذا في قولهم «الشيء ما لم يجب لم يوجد». والثاني الوجوب اللاحق ، وهو الضرورة بشرط المحمول أي وجوب وجوده ما دام موجودا ، وهذان الوجوبان بالغير ، وكذلك الماهية المعدومة محفوفة بامتناعين ، السابق واللاحق. وسيأتي البحث عنه في ص ١٥٤.
(٤) وهما من ثواني المعقولات ، كما قال في كشف المراد : ٨٠.
(٥) وهم من المعتزلة وقد مرّ بحثه في أوائل الكتاب.
(٦) نقد المحصل : ١١٨.
(٧) أي قول الطوسي المحكي في جواب الإشكال الرابع. ولعلّ «في» زيادة من الناسخ.