فأن يمتنع حال المرجوحية كان أولى. وإن لم يمكن طريان المرجوح ، كان الراجح واجبا والمرجوح ممتنعا (١).
اعترضه أفضل المحققين : بأنّ هذا الدليل يقتضي نفي الأولويّة مطلقا. ولقائل أن يقول : طرف الأولى يكون أكثر وقوعا ، أو أشدّ عند الوقوع ، أو أقلّ شرطا للوقوع ، والمستدلّ ما أبطله.
وقد قيل في رجحان العدم في الموجودات (٢) الغير القارة ، كالصوت والحركة : إنّ العدم لو لم يكن أولى بها لجاز عليها البقاء.
وأجيب عنه : بأنّ كلامنا في الممكن لذاته ، لا في الممتنع لغيره ، وبقاء الغير القارة يمتنع لغيره (٣).
وفيه نظر ؛ لأنّ الدليل يقتضي نفي أولوية كافية في الإيجاد لا مطلقا.
وقوله (٤) في أصل الدليل : «إن كان طريان المرجوح لسبب ، لم يكن الرجحان كافيا في بقاء الراجح» ممنوع. فإنّا نقول : إنّه كاف ، ما لم يطرأ سبب المرجوح ، ويترجّح على الراجح.
الثالث : الماهية لو كانت أولى بالوجود ، لم يتخلف عنها الوجود إلّا لوجود ما ينافي ذلك الوجود. وإنّما تتحقق المنافاة من الجانبين. فهذه الأشياء المتعارضة إن كان بعضها أقوى من بعض ، فتلك القوة أمر لازم للماهية لنفسها لا لغيرها ، والضعف كذلك ، فيستحيل (٥) انقلاب القوي ضعيفا والضعيف قويا ، فحينئذ
__________________
(١) نقد المحصل : ١١٩.
(٢) م : «الوجودات».
(٣) نقد المحصل : ١١٩.
(٤) أي قول الرازي وفي ق وج : «وفي قوله» ، والصحيح ما في المتن من م.
(٥) ق وج : «يستحيل».