ووصفه بأيّ وصف كان ، من حدوث وغيره لم يحكم بالاحتياج. ولو جوّز العقل كون الحادث واجبا لذاته ، لم يحكم عليه بالحاجة وإن كان حادثا ، باعتبار زوال الإمكان عنه.
فعلم من هذا ، أنّ العلّة في احتياج الممكن إلى المؤثر ، إنّما هي إمكانه لا حدوثه.
الثاني : أنّه لو كان الحدوث علّة الحاجة ، لزم تأخّر الشيء عن نفسه بمراتب (١) ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله (٢).
بيان الشرطية : أنّ الحدوث هو كون الوجود بعد العدم ، فهو صفة للوجود ، والصفة متأخّرة بالطبع عن موصوفها ، فالحدوث متأخّر عن الوجود تأخّرا بالذات ، والوجود متأخّر عن الإيجاد الذي هو تأثير (٣) موجده فيه ، تأخّر المعلول عن علّته ، والإيجاد متأخّر عن احتياج (٤) الأثر إلى مؤثره تأخرا بالطبع ، فإنّه لو لا (٥) الحاجة امتنع تأثيره فيه ، والاحتياج متأخّر عن علّته تأخّر المعلول عن العلّة ، فلو كانت علّة الحاجة هي الحدوث ، لزم تقدّم الشيء وهو الحدوث على نفسه بهذه المراتب الأربعة ، وتقدّم الشيء على نفسه محال بالضرورة ، فامتنع كون الحدوث علّة الحاجة ، فلم يبق إلّا الإمكان ، فهو علّة الحاجة (٦).
__________________
(١) م : «بمراتب» ساقطة.
(٢) راجع كشف المراد : ٥٤ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٢٣٠.
(٣) ق : «تأثّر» وهو خطأ.
(٤) م : هنا سقط طويل بدايته «الأثر» ونهايته في البحث الأوّل من الفصل الأوّل من المقصد الثالث «من وحدة أو تعدّد».
(٥) ق وم : «لو» ساقطة ، وما أثبتناه من نسخة ج.
(٦) وقد أجاب الايجي على هذا الاشكال بغير ما ذكره العلّامة ، المواقف : ٧٣ ، وانظر الجواب عليه في الأسفار ١ : ٢٠٧ ، في دفع من يعارض الوجه بمثله على نفي علّية الإمكان.