الأوّل ، كان ذلك تحصيلا للحاصل وإن كان الثاني ، كان الشيء موجودا مرتين ، وهو محال. ولأنّه يلزم أن يكون المحتاج إنّما هو الوجود (١) المتجدّد لا الباقي ، وهو المطلوب (٢).
الثاني : أنّا نشاهد البناء باقيا بعد الباني ، ولو كان محتاجا إليه عدم لعدمه ، والحجر المرمي تبقى حركته بعد مفارقة الرامي (٣).
والجواب عن الأوّل : أنّ قولكم : «السبب حال البقاء ، إمّا أن يكون له أثر أو لا» غلط ، فإنّ المؤثر في البقاء ، لا يكون له أثر البقاء حال البقاء ، وتحصيل الحاصل إنّما لزم منه ، بل المؤثر يفيد البقاء بعد الإحداث ، وتأثيره بعد الإحداث في أمر جديد هو البقاء ، فإنّه غير الإحداث ، فهو مؤثر في أمر جديد صار الباقي به باقيا ، لا في الذي كان باقيا ، ولو لا ذلك الجديد ، لم يكن الأثر باقيا.
وأيضا إن عنيتم بقولكم : «المؤثر هل له فيه تأثير أم لا؟» أنّ المؤثر هل له فيه تأثير جديد ، فليس الأمر كذلك ، وإن عنيتم به أنّ المؤثر له فيه تأثير ، بمعنى أنّ الأثر الذي وجد عنه استمر لأجل استمراره ، فالأمر كذلك.
واعترضه أفضل المحقّقين : بأنّ البقاء المستفاد من المؤثر أمر جديد ، لو لاه لم يكن الأثر باقيا (٤).
وفيه نظر ؛ فإنّ تحصيل الحاصل ، نشأ من أنّ المؤثر أثّر في الباقي البقاء حال
__________________
(١) ق : «يكون».
(٢) راجع نقد المحصل : ١٢١.
(٣) راجع شرح الإشارات ٣ : ٦٨ ، وفيه إشكال آخر هو : لو كان يفتقر إلى الباري تعالى من حيث هو موجود لكان كلّ موجود مفتقرا إلى موجد آخر ، والباري أيضا.
وأجاب قطب الدين الرازي عن الإشكالات في المحاكمات (ذيل شرح الاشارات) فراجع.
(٤) نقد المحصل : ١٢١.