حيث هي هي ثابتة في الذهن ، فاقتضت ثبوت لازمها لها ذهنا (١) ، ولا نعني بالبيّن سوى ذلك.
لا يقال : لو كان كذلك لزم من تصوّر الشيء تصوّر أمور غير متناهية ، لأنّ لكلّ ماهيّة لازما وأقلّه أنّها ليست غيرها.
لأنّا نقول : لو سلّم أنّ لكلّ ماهيّة لازما ، لكن لا يجب أن يكون بيّنا ، فإنّ اللوازم قد يمكن أن يستمر الاندفاع فيها ما لم يطرأ على الذهن ما يوجب إعراضه عن تلك المتلازمات (٢) والتفاته إلى غيرها ، لكن مثل هذه اللوازم قليلة في الوجود.
أمّا اللوازم التي لا تنحصر ، فإنّها تحصل عند تصوّر الأمور التي إليها يقاس الموضوع كمساواة زوايا المثلّث لقائمتين. وتصوّر تلك الأمور التي هي شرط في حصولها ، ليس بواجب الحصول على الترتيب المؤدّي إلى وجود تلك اللوازم المترتبة. وكون الماهيّة ليست غيرها ، ليس لازما بيّنا يلحق الماهيّة لذاتها ، بل بالقياس إلى ذلك الغير. ولو لم يلحظه الذهن لم يحكم بالسلب ، لكن تصوّر ذلك الغير ليس بواجب من تصوّر الماهيّة ، واللازم بوسط (٣) إنّما يجب تصوّره مع تصوّر ذلك الوسط.
وللبيّن تفسيران : أحدهما الذي يلزم من تصوّر ملزومه تصوّره. والثاني الذي يلزم من تصوّر الماهيّة وتصوّر ذلك اللازم تصوّر اللزوم. (٤) والأوّل أخصّ.
وقد اعترض على اللزوم بأنّه لو ثبت ، فإمّا أن يكون عدميّا أو وجوديا ، والقسمان باطلان ، فتحقّق اللزوم باطل ، والشرطية ظاهرة.
__________________
(١) م : «ذهنا» ساقطة.
(٢) ق وج : «بل تلك المتلازمات».
(٣) في هامش ج : «كذا في المنقول منه واصفا قوله بخطه». والعبارة في النسخ مشوشة ، ولعلّ الصحيح ما أثبتنا منها.
(٤) في النسخ : «الملزوم» ، ولعلّ الصحيح ما أثبتناه.