وذهب «عبد الله بن سعيد» (١) من الأشاعرة إلى أنّ القدم وصف ثبوتي.
والكلّ باطل. أمّا الأوّل : فلأنّ الحدوث لو كان ثبوتيا ، لكان عرضا قائما بالغير ، فذلك الغير إمّا أن يكون قديما أو حادثا ، والقسمان باطلان. أمّا الأوّل : فلاستحالة اتّصاف القديم بالحدوث. وأمّا الثاني فلاستلزامه التسلسل.
لا يقال : لم لا يقوم الحدوث بالماهيّة من حيث هي هي ، فلا يلزم التسلسل؟
لأنّا نقول : الماهيّة من حيث هي هي لا توجد إلّا في العقل ، فيستحيل قيام الحدوث الثبوتي في الأعيان بماهيّة ذهنية ، بل إنّما تحلّ في ماهيّة موجودة ، ولمّا كان هذا الوجود مسبوقا بالعدم وجب أن يكون الشرط هو هذا الوجود المسبوق بالعدم. وأيضا لو كان الحدوث صفة وجودية لكان إمّا قديما أو حادثا ، والقسمان باطلان. أمّا الأوّل فلاستلزامه قدم موصوفه الذي هو الحادث ، فيكون الحادث أزليّا ، هذا خلف ، ولأنّ الحدوث عبارة عن مسبوقية الوجود بالعدم ، فيستحيل عليه القدم الذي هو عدم مسبوقية الوجود بالعدم. وأمّا الثاني فلاستلزامه التسلسل ، فإنّ الحدوث لو اتّصف بالحدوث ، لكان الكلام في الحدوث الذي هو الوصف كالكلام في الحدوث الذي هو الموصوف ، وهكذا إلى ما لا نهاية له.
وأمّا الثاني : وهو مذهب «ابن سعيد» ، فإنّه باطل أيضا ، لأنّ القدم لو كان وصفا ثبوتيا ، فإمّا أن يكون قديما أو حادثا ، والأوّل يستلزم التسلسل. والثاني يستلزم اجتماع النقيضين. ولأنّه لو كان ثبوتيا لم يكن قائما بذاته ، بل بغيره. فذلك الغير إمّا أن يكون قديما أو حادثا ، والقسمان باطلان ، كما تقرّر أوّلا في الحدوث.
__________________
(١) عبد الله بن سعيد بن كلاب ، أبو محمد القطان ، متكلم من العلماء ، له كتب ، منها «الصفات» و «الرد على المعتزلة» توفي سنة ٢٤٥ ه (أعلام الزركلي ٤ : ٩٠).