قال أفضل المحقّقين : كلّ ما ليس القدم (١) داخلا في مفهومه ، فإذا وصف بالقدم احتيج إلى صفة زائدة عليه هي القدم ، وأمّا القدم فلا يحتاج إليه (٢) لكونه قديما لذاته.
وأمّا الحدوث فإنّه صفة والصفات لا توصف بالقدم ولا الحدوث ، لأنّ الاتّصاف بهما من شأن الذوات (٣).
وفيه نظر ، لأنّهم لمّا سلموا كون القدم ثبوتيا في الخارج وجب أن يكون مشاركا لغيره في الثبوت ، وممتازا عنها بخصوصيّة (٤) ، وما به الاشتراك غير ما به الامتياز ، فاتّصاف ماهيته بوجوده إمّا أن يكون مسبوقا بالعدم ، فيكون حادثا وهو محال. وإمّا أن لا يكون ، فيكون قديما ، وقدمه راجع إلى نسبة وجوده إلى ماهيته وتلك النسبة مغايرة لما عداها من النسب. ولأنّه إذا جاز في القدم أن يكون قديما لذاته ، فليجز في كل قديم ذلك.
والحدوث إذا كان صفة ثبوتيّة وجب أن يكون موصوفا بالثبوت ، فلا يصحّ قولهم : «الصفة لا توصف» ولأنّ الضرورة قاضية بأنّ كلّ ثبوتي فإنّه موصوف بالثبوت ، فإمّا أن تكون موصوفيّته به مسبوقة بالعدم أو لا.
احتجّوا : بأنّ الشيء لا يكون حادثا ثمّ يصير حادثا ، فتجدّد الصفة بعد عدمها يدلّ على كونها ثبوتيّة ، أو (٥) كون عدمها ثبوتيا ، والثاني محال ، فالحدوث ثبوتي. ولأنّه نقيض «لا حدوث» العدمي. وكذا القدم نقيض «لا قدم» العدمي ،
__________________
(١) م : «العدم» والصواب ما قرّرناه في المتن من : ق ، والمصدر.
(٢) «إليه» ليست في المصدر.
(٣) نقد المحصل : ١٢٧. والعبارة الأولى «كلّ ما ليس القدم» من الطوسي دفاع عمّا قاله ابن سعيد والثاني «وأمّا الحدوث» دفاع عن مذهب الكرّامية.
(٤) م : «بخصوصيّته».
(٥) ق : «و».