الحاصل. فواجب في أثر المختار سبق العدم عليه ، فلهذا استحال اسناد القديم إليه.
والمتكلّمون أيضا منعوا من ذلك ، ونفوا (١) القول بالعلّة والمعلول ، لا بهذا الدليل ، بل بما دلّ على وجوب كون المؤثّر في وجود العالم قادرا. وجوّز الفريقان اسناد القديم إلى العلّة الموجبة ، بل صرّحوا بوقوع ذلك (٢). واستدلوا على ثبوته : بأنّ مثبتي الحال من الأشاعرة ، ذهبوا إلى أنّ عالميّة الله تعالى وعلمه قديمان ، والعالمية معلّلة بالعلم ، وكذا القدرة والقادريّة وغيرها من الصفات. وزعم «أبو هاشم» من المعتزلة وأتباعه : أنّ العالمية والقادريّة والحييّة والموجوديّة معلّلة بحالة خامسة ، مع أنّ الكلّ قديم. وقال «أبو الحسين البصري» : إنّ العالمية حالة معلّلة بالذات. وهؤلاء وإن منعوا من إطلاق لفظ القديم على هذه الأحوال ، إلّا أنّهم يعطون المعنى في الحقيقة (٣).
قال أفضل المحقّقين : هذا صلح من غير تراضي الخصمين ، لأنّ المتكلّمين بأسرهم صدّروا كتبهم بالاستدلال على وجوب كون العالم محدثا ، من غير تعرّض لفاعله فضلا عن أن يكون فاعله مختارا أو غير مختار. ثمّ ذكروا بعد إثبات حدوثه أنّه محتاج إلى محدث وأنّ محدثه يجب أن يكون مختارا ، لأنّه لو كان موجبا لكان العالم قديما ، وهو باطل بما ذكروه أوّلا. فظهر أنّهم ما بنوا حدوث العالم على القول بالاختيار ، بل بنوا الاختيار على الحدوث. وأمّا القول بنفي العلّة والمعلول فليس بمتّفق عليه عندهم ؛ لأنّ مثبتي الأحوال من المعتزلة قائلون بذلك صريحا. والأشاعرة يثبتون مع المبدأ الأوّل قدماء ثمانية يسمّونها صفات المبدأ الأوّل. فهم
__________________
(١) ق : «هو» بدل «نفوا» والصواب ما أثبتناه من : م.
(٢) راجع أنوار الملكوت في شرح الياقوت : ٥١.
(٣) راجع نقد المحصل : ١٢٤ ؛ شرح الإشارات ٣ : ٨٠ ـ ٨١.