الأمر الأوّل : الماهيّة التي صدق عليها الاستغناء عن الموضوع.
والأمر الثاني : الاستغناء عن الموضوع.
والأمر الثالث : مجموع الماهيّة مع هذا العارض.
والأمر الرابع : كون الماهيّة علّة لهذا الاستغناء بشرط الوجود (١).
والأوّل ليس بجنس ، لاحتمال أن تكون المشتركات في هذه (٢) العلّية أمورا مختلفة في الماهية ، فإنّ الماهيات المختلفة يلزمها لازم واحد ، وتشترك في أوصاف كثيرة ، ثبوتية وعدميّة ، مع اختلافها بالحقيقة ، فجاز اختلاف الماهيات التي يصدق عليها وصف الاستغناء.
ولا الثاني ، لكونه سلبيا فلا يجوز أن يكون جزءا من الماهيات المحصّلة الوجودية في الأعيان.
ولا الثالث ، لأنّ هذا العارض سلبي فلا يكون جزءا من الجنس الذي هو جزء الوجودي.
ولا الرابع ، لأنّ كون الماهية علّة لذلك الاستغناء بشرط الوجود حكم من أحكام الماهية يلحقها بعد تمام حقيقتها ، فإنّ الشيء ما لم تتحقق ماهيته استحال أن تصير ماهيته علّة لشيء. ولأنّ كون الماهيّة علّة لهذا الوصف ، يستحيل أن يكون أمرا ثبوتيا زائدا عليها ، وإلّا لزم التسلسل. ومع جوازه فالمقصود حاصل ، لأنّ الماهيّة بما هي ، إن لم تقتض شيئا كان ذلك إخراجا للماهية عن العلّية. وإن اقتضت فلا متوسط (٣) ، وإلّا لكان المقتضي المتوسط لا الماهية. فإذن كون الماهية علّة للاستغناء يمتنع أن يكون وصفا ثبوتيا فضلا عن أن يكون معنى جنسيا.
__________________
(١) وقد ذكر الرازي الثلاثة الأخيرة دون الأوّل.
(٢) م : «هذه» ساقطة.
(٣) ق : «ولا يتوسط» ، والصواب ما أثبتناه من م وج ، والمعنى : أنّه لم يكن متوسط بين الماهية وبين ذلك المقتضي.