لا يقال (١) : نسبة المتغيّر إلى المتغيّر هو الزمان ، ونسبة المتغيّر إلى الثابت هو الدهر ، ونسبة الثابت إلى الثابت هو السرمد.
لأنّا نقول : لا فائدة في هذا التهويل (٢) ، لأنّ مفهوم «كان» و «يكون» إن كان قارّ الذات لم يوجد في المتغيّرات ، وإن لم يكن ثابتا استحال وقوعه في الثوابت.
اعترض «أفضل المحقّقين» (٣) : بأنّه لا شك في أنّ وقوع الحركة مع الزمان ليس كوقوع الجسم القار الذات المستمرّ الوجود مع الزمان ، وليس كوقوع القارّ الذات الباقي مع القارّ الذات الباقي ، كالسماء مع الأرض ، وهذا الفرق معلوم محصّل. وليس معيّة المتغيّر والثابت مستحيلة. فإنّا نقول : عاش نوح ألف سنة ، فانطبق مدة بقائه على ألف دورة من الشمس ، وإذا تقرّر اختلاف المعاني ، فللمصطلحين أن يعبّروا عن كلّ معنى بعبارة يرون أنّها مناسبة لذلك المعنى ، ولا يعنون ب «التحصيل» هناك غير دلالة العبارات على المعاني.
وفيه نظر ، فإنّ المفهوم من المعية الاقتران والمصاحبة ، وهو معنى واحد معقول بين كل مقترنين ، لكن اقتران الحركة والزمان هو اقتران شيء غير قارّ الذات بشيء غير قارّ الذات ، فالأجزاء المفروضة في أحدهما على التعاقب مقارنة للأجزاء المفروضة في الآخر على التعاقب ، أيضا والمجموع مع المجموع ، وأمّا معيّة الجسم والزمان ، فهي اقتران الجسم مع كلّ جزء من أجزاء ذلك الزمان المفروضة ومع المجموع منها. ومعية الجسم مع الجسم هي الاقتران بينهما ،. فلو جعل لهذين النوعين معنى آخر غير الزمان به تقع (٤) المقارنة ، لزم أن يثبت مع الزمان أمران آخران هما : الدهر والسرمد يكون كل منهما مقدارا ، فله محلّ ، ويلزم التسلسل ، لأنّ
__________________
(١) والقائل هو الشيخ في الفصل الثالث عشر من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء.
(٢) ج : «التأويل».
(٣) في تلخيص المحصل : ١٣٨.
(٤) م : «ترتفع».