الوجه السادس : عدم الزمان بعد وجوده ممتنع لذاته ، فلو كان صفة للحركة لزم أن تكون الحركة شرطا فيما يستحيل عدمه لذاته ، فتكون أولى باستحالة العدم لذاتها ، فتكون واجبة لذاتها ، غنيّة عن المحل ، وهو محال.
وفيه نظر ، فإنّ الواجب لذاته هو الذي يستحيل عدمه لذاته مطلقا ، والزمان والحركة ليسا كذلك ، إنّما يستحيل عدمهما بعد وجودهما بعدية زمانية ، لا لذاتهما مطلقا ، بل لاقتران (١) فرض وجودهما وعدمهما دفعة واحدة ، وكلّ الممكنات كذلك ، ولا يلزم خروجها عن حدّ الإمكان.
الوجه السابع : كما يحكم بأنّ الزمان عارض للأشياء الغير القارّة ، كذا يحكم بعروضه للأشياء القارّة. فإنّا كما نحكم بأنّ من الحركات ما كانت موجودة أمس ، ومنها ما يوجد غدا ، كذلك نحكم بأنّ الله تعالى كان موجودا في الماضي وهو الآن موجود ، أو أنّه موجود في المستقبل ، ولو جاز إنكار (٢) الثاني جاز إنكار (٣) الأوّل ، وإذا قارن وجوده الأزمنة الثلاثة كان الزمان عارضا للوجود المطلق لا للوجود الغير القارّ ـ أعني الحركة ـ بخصوصيّته ، فيكون مقدارا لمطلق الوجود ، وهو محال ؛ لأنّه إن كان متغيّرا استحال انطباقه على الثابت ، وإن كان ثابتا استحال انطباقه على المتغيّر (٤).
وفيه نظر ، فإنّا نمنع وجود الله تعالى وغيره من الأمور الثابتة في الزمان وجود المتغيّرات فيه. نعم الأشياء الثابتة موجودة مع الزمان لا المعيّة الزمانية ، فإنّ ما يوجد في الزمان ليس إلّا الأشياء التي يلحقها التغيّر ، إمّا لذاتها فتكون زمانية لذاتها ، أو بالعرض فتكون زمانية بالعرض.
__________________
(١) م : «لافتراق».
(٢) م : «امكان».
(٣) م : «امكان».
(٤) راجع شرح المواقف ٥ : ١٠٩ ـ ١١٠.