وأمّا الذي بحسب المجاز ، فقد يقال : لما لا يمكن سلوكه كالطريق بين السماء والأرض ، وقد يقال : لما يعسر ذلك فيه لبعده كالطريق بين المشرق والمغرب تشبيها بالأوّل.
المسألة الثانية : في معنى اللانهاية في الماضي (١)
اعلم أنّه سنثبت انتهاء الحوادث الماضية وأنّ دخول اللانهاية فيها ممتنع عند أهل الملل كافة ، أمّا الأوائل فأثبتوا حوادث لا نهاية لها في الماضي ، وسيأتي الكلام معهم إن شاء الله تعالى.
قالوا : إذا قلنا الأشخاص الماضية غير متناهية احتمل أمرين :
الأوّل : أنّ كلّ واحد من تلك الأشخاص غير متناه ، وهو معلوم البطلان ، وإنّما ذكر لئلّا يتوهّم إمكان الحمل عليه ، كما حكم به على الجملة ، كالحدوث.
الثاني : أنّ جملة الآحاد المجتمعة لها عدد غير متناه ، وهذا إمّا أن يفهم بحسب الوجود أو بحسب التوهّم ، فالأوّل إن أخذ بمعنى السلب ، بأن يقال : إنّ جملة الأشخاص الماضية ليست أمرا له عدد متناه فهو صادق عندهم ، لأنّ نقيضه ، وهو أنّ جملة الأشخاص الماضية أمر له عدد موجود متناه كاذب ، إمّا لكذب موضوعها ؛ لأنّ جملة أشياء كلّ واحد منها لا يثبت مع آخر ، بل يعدم مع وجوده لا يكون بما هي جملة موجودة ، إذ ليست موجودة في الخارج لفرض تنافيها فلا يمكن اجتماعها في الوجود في زمان ما ، أو لعدم تناهيها عندهم. وإن أخذ
__________________
(١) لاحظ الفصل الحادي عشر من المقالة الثالثة من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء. وقارن طبيعيات النجاة : ١٢٥ ـ ١٢٦ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٣١١ ـ ٣١٤ ؛ الأسفار ٤ : ٢٩ ـ ٣٠.