بمعنى العدول ، بأن يقال : جملة الأشخاص الماضية أمر له عدد غير متناه فهو باطل ، لأنّ موضوع المحمول الثبوتي يجب أن يكون ثبوتيا ، ومجموع الأشخاص الماضية غير موجودة في شيء من الأحوال البتة ، ولا في الذهن أيضا ، لقصوره عن استحضار عدد غير متناه بالفعل، و (١) إن قوى على استحضار وصف اللانهاية لوحدته (٢). وأمّا الثاني وهو المأخوذ بحسب الوهم ، فهو أن يقال : إنّ المتوهم من الأشخاص الماضية عدد أيّ واحد أخذته تجد واحدا غيره قد وجد من غير حاجة إلى التكرير ، ولا ينتهي الحساب إلى واحد غير مسبوق بغيره ، وهو ممكن عندهم.
المسألة الثالثة : في معنى اللانهاية في المستقبل (٣)
النظر في الأمور المستقبلة ، إمّا أن يكون في وجودها ، أو في تناهيها ولا تناهيها.
أمّا الأوّل : فنقول لا شك في أنّ الأمور المستقبلة ليست موجودة بالفعل ، لأنّ الموجود في المستقبل هو الذي لم يوجد بعد ، بل هي موجودة بالقوة ، فنقول حينئذ : إمّا أن نعتبر كلّ واحد واحد من تلك الأمور ، أو نعتبر حال الجميع ، فإن اعتبرنا حال كلّ واحد واحد ، فإمّا أن يكون كلّ واحد منها موجودا بالقوّة في وقت واحد وهو صحيح ، وإمّا أن يكون كلّ واحد موجودا بالقوّة في كلّ وقت [وهو باطل] (٤) ، وإلّا لم يوجد في وقت من الأوقات شيء من الأشخاص ، ولا يمكن أن يبقى الحادث الواحد مستمرا أبدا. وإن اعتبرنا وجود الكلّ من حيث هو كلّ فذلك على وجهين :
__________________
(١) تكون «و» وصلية.
(٢) ق : «لوجد به».
(٣) راجع نفس المصادر.
(٤) أضفناها بمقتضى السياق والمعنى.