المبادئ (١). ونحن نقرّر تحقيق ذلك فنقول : «ما لا نهاية» يعتبر على وجهين :
الأوّل : نفس هذا المفهوم.
الثاني : معروضه.
والثاني : راجع إلى الماهيات والمفهومات التي توصف بهذا الوصف ، ولا يمكن أن يكون مبدأ من حيث هذا المفهوم.
والأوّل : راجع إلى مجرّد اعتبار نسبي ليس له مفهوم مستقل ، ولا يمكن أن يعقل بالاستقلال ولا منفردا بالوجود ، فكيف يكون مبدأ لغيره. ولأنّها أمر عدميّ ، لأنّ طبيعة القوّة عنها لا تزول ، لأنّ الذي لا نهاية له لا ينتهي إلى زوال طبيعة القوّة عنه ، فحقيقة ما لا نهاية له ووجوده متعلّقة بالقوّة دائما ، والقوّة متعلّقة بالمادة لا بالصورة التي هي الفعل ، فلا يتحقّق للا نهاية كلّ وجملة ، لأنّ الكلّ صورة أو ذو صورة ، وهي منفية عنها.
المسألة الخامسة : في امتناع حركة ما لا يتناهى (٢)
اعلم أنّ الجسم يمتنع عليه عدم التناهي ، لكن لو فرض لامتنع عليه الحركة الاينيّة ، لأنّه إن كان غير متناه من جميع الجوانب لم يخل عنه مكان ، فلا تتحقّق الحركة الاينيّة ، لأنّها إنّما تكون من مكان إلى مكان خال عنه ، فإذا كان مشغولا به امتنعت حركته إليه. وإن كان متناهيا من جهة وغير متناه من أخرى ، فإنّه يمتنع أن يتحرّك في الأين إلى الجهة التي هو غير متناه فيها ، لعدم فراغ عنه ، ويمتنع أن يتحرّك في الأين إلى الجهة التي هو متناه فيها ، لأنّه إذا انتقل إلى الجهة الفارغة ، فإمّا
__________________
(١) أي مبادئ العالم.
(٢) راجع الفصل العاشر من المقالة الثالثة من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ؛ المباحث المشرقية ١ : ٣١٤.