والاعتراض (١) : لم لا يختص بالفاعل المختار ، أو نقول : لم لا يجوز أن يعرض للجسم عارض يقتضي تخصيصه بحيّز معين؟ ثمّ إنّ ذلك العارض لا يزول إلّا بعارض آخر يخصصه بحيّز آخر ، وحينئذ يكون الجسم أبدا حاصلا في حيّز معين بسبب تلك العوارض الغير اللازمة.
وفيه نظر ، لأنّا فرضنا خلو الجسم عن كلّ العوارض.
وأجيب أيضا ، بأنّ ذلك يوجب امتناع خلو الجسم عن تلك العوارض بعد اتّصافه بها ، ولا يوجب امتناع خلوه مطلقا ، لإمكان أن لا يوجد فيه العارض الأوّل حتى لا يحتاج إلى عارض آخر يزيله. فإذن خلو الجسم عن جميع العوارض جائز مطلقا ، وخلوه عن الحصول في الحيّز غير جائز ، ويستحيل تعليل واجب الثبوت بغير واجب الثبوت ، فيمتنع تعليل حصول الجسم في الحيّز بشيء من العوارض.
واعترض أيضا بوجوه :
الأوّل : لو استدعى الجسم مكانا معينا ، لكان ذلك الاستدعاء إمّا لجسميته أو للوازمها (٢) عم ، (٣) فكلّ جسم في ذلك المكان. أو لأمر غير لازم ؛ فاتّصاف الجسم به إن لم يكن لأمر لزم الترجيح من غير مرجح ، وجاز مثله في المكان بأن لا يكون شيء منها (٤) مستحقا لذات الجسم ، لكنّه يحصل في واحد اتفاقا. وإن كان لأمر فإن كان مقارنا نقلنا الكلام إليه وتسلسل. وإن كان سابقا أعدّ الجسم لاتّصافه بالوصف الحاصل جاز في المكان ذلك ، بأن يكون حصوله في مكان سابق أعده لحصوله في المكان اللاحق ، أو أنّه كان موصوفا بأمر أعده للحصول في
__________________
(١) انظر الاعتراضات والجواب عنها في المباحث المشرقية ٢ : ٦٩ ـ ٧١.
(٢) في النسخ : «لوازمها» ، أصلحناها طبقا للسياق.
(٣) م : «أعم» ، ولعلّ الصواب ما أثبتناه من ج.
(٤) م : «منها» ساقطة.