هذا المكان ، فلا ينفك عن المكان المعيّن ، وإن لم يكن طبيعيا.
الثاني : لو سلّمنا الاشتراك في الجسمية ، لكن جعلتم اقتضاء الجسم المعيّن للحيّز المعيّن لأجل خصوصية في ذلك الجسم ، فذلك الجسم إن لم يجب اتّصافه بتلك الخصوصية كان المقتضي للحيّز المعين شيئا غير لازم لذلك الجسم ، وقد أبطلوه. وإن كان لازما ، فإمّا
لنفس الجسمية ، ويعود المحال ، أو لخصوصية أخرى ويتسلسل. ولا مخلص عنه إلّا أن يقال : الجسم العنصري يستدعي صورة نوعية ، أية صورة كانت ، وتعيّنها بأسباب خارجية.
لكنّا نقول : إذا جاز أن يكون المقتضي لجسم العنصر إنّما هو صورة مبهمة أية صورة كانت ثم استند تعيّنها إلى أسباب خارجية (١) غريبة لا بسبب صورة متقدمة ، فلم لا يجوز مثله في الحصول في الحيّز؟ وبالجملة فكما أنّ الجسم لا بدّ له من حيّز معيّن ، فكذا لا بدّ له من خصوصية تقتضي ذلك الحيّز ، وكما لا يلزم من حصول صورة معينة ، أن يكون ذلك بصورة أخرى تتقدمها ، كذا لا يلزم من حصول الحيّز المعين أن يكون ذلك بصورة تتقدمه. وكما اقتضت الجسمية صورة مبهمة وتخصصت بالأسباب الغير اللازمة للجسمية ، كذا يجوز أن تقتضي الجسمية لذاتها حيزا مبهما ثمّ يتخصص بالأسباب الغير اللازمة.
الثالث : الحيّز المعيّن من الأرض يستدعي حيّزا مبهما من أجزاء مكان كلّية الأرض ، ثمّ يخصص ذلك الحيّز بأسباب خارجية مع استحالة انفكاك الجزء المعين عن الحيّز ، فكذا يجوز في كلية الأرض ذلك.
الوجه الثاني : إذا رميت المدرة (٢) إلى فوق عادت إلى أسفل ، ولو لا اقتضاء
__________________
(١) م وس : «خارجية» ساقطة.
(٢) قطعة من المدر وهو الطين العلك الذي لا يخالطه رمل.