كلّ منهما صاحبه ، حتى يلتقيا في الوسط. ولو توهّمت الأرض قد ارتفعت إلى فلك الشمس، ثمّ أرسلت ، لم تهبط ولو أطلق حجر من المركز إلى أسفل صعد إليها طالبا لها ولو تفرقت في جوانب العالم توجه بعضها إلى البعض ووقعت في موضع يتفق التقاء جملة تلك الأجزاء ، ولا تفارق ذلك الموضع لمساواته لهذا الموضع.
ولأنّ كلّ جزء يطلب جميع الأجزاء منها طلبا واحدا ، ويستحيل أن يلقى الجزء الواحد جميع الأجزاء لا جرم طلب أن يكون قربه من جميع الأجزاء قربا متساويا ، وهذا هو طلب الوسط. ثمّ إنّ جميع الأجزاء هذا شأنها فتكون الأرض مستديرة ، وأن يكون كلّ جزء منها يطلب المركز حتى يستوي قربه من الجملة.
ثمّ أورد على نفسه سؤالات :
منها : وجوب مثل ذلك في أجزاء كلّ عنصر فيكون كلّ واحد منها كرة مصمتة (١).
وأجاب : بأنّه لو لا المانع لكان الأمر كذلك. والمانع هو أنّ الأجسام وإن اختلفت لكنّها متساوية في الجسمية ، فكان طلبها لبعضها بعضا لأجل التشابه بطلب أجزاء العنصر الواحد في طلب أجزائه للبعض ، ولهذا السبب تلازمت صفائح الأجسام وامتنع الخلاء. فقد وجد هنا سببان متنازعان ، أحدهما ثابت لكل عنصر على حدة ، وهو اقتضاء كلّ جزء منه جذب سائر الأجزاء منه إلى نفسه ، بحيث يكون كلّ عنصر كرة مصمتة. والآخر ثابت لعموم الجسمية ، وهو طلب كلّ عنصر لصاحبه من حيث الجسمية ، وهو يقتضي عدم كون كلّ عنصر
__________________
(١) المصمت : الذي لا جوف له.