مصمتا. والأوّل يستلزم الخلاء ؛ لأنّ تلاقي الكرتين يستلزم الخلاء بينهما ، وأن يعدم أثر السبب الثاني ، فلا يجذب بعض العناصر بعضا فيبطل مقتضى التشابه في الجسمية ، فاقتضت الطبيعة العدل بقدر الإمكان وفعلت ما هو الأقرب إلى الجميع ، فجمعت بين أجزاء كلّ عنصر على حدة للمشابهة بين تلك الأجزاء ، وجعلت بعض العناصر محيطا بالبعض للتشابه بين تلك العناصر في مطلق الجسمية.
وأتمّ العناصر في هذا المعنى أقربها إلى الوسط ، لأنّه متى كان أقرب إلى الوسط كان أقرب نسبة إلى جميع الأجسام ، لكنّه لمّا وجبت إحاطة البعض بالبعض للمشابهة العامة عرض أن وقع بعض هذه الأجسام في غاية البعد عن غيره.
ومنها : أنّ الأجزاء إذا تحركت لطلب الكل ، فما سبب اختصاص الكل من كلّ عنصر بمكانه ، فلم كانت النار في المحيط والأرض في المركز ، لو لا اقتضاء الطبائع ذلك؟
وأجاب : بأنّه ليس السبب في طلب النار المحيط ، أنّ النار بعد تحققها نارا تطلب ذلك المكان ، بل كلّ ما جاور الفلك صار نارا لدوام الحركة الموجبة للمصاكة المقتضية للتسخين إلى أن يستحيل ويصير نارا بعد كونه في ذلك المكان ، والبعيد من الفلك يبعد من المصاكة ويكون باردا فصار أرضا.
وأبطله أبو علي في الشفا (١) بوجهين :
أ ـ الحجر المرسل من رأس البئر يذهب غورا ، ولا يلتصق بشفير البئر ، مع
__________________
(١) الفصل العاشر من المقالة الرابعة من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء.