قوائم لا أزيد ، ولكل بعد طرفان (١) ، فكانت الجهات ستا بعدد الأطراف. وهذا الاعتبار (٢) غير واجب ، لأنّ الأبعاد الثلاثة إنّما تعرض لو فرض بعد واحد ، وجعل أصلا من غير أن يكون بالطبع ، فحينئذ يعرض عليه الخطان الآخران القائمان عليه في جهتين ، لكن لو فرضنا امتدادا آخر غير مواز للأوّل ، لحصل لنا ثلاثة أبعاد أخرى متقاطعة على قوائم غير تلك بالعدد ، وحصل لنا جهات ست غير تلك الجهات ، لكنّ كلّ جسم سواء كان متناهيا أو غير متناه يمكن أن يفرض فيه خطوط غير متناهية العدد تكون أصولا لخطّين آخرين قائمين عليه ، فتكون الجهات حينئذ غير متناهية (٣). والكرة لا جهة لها بالفعل ولها جهات غير متناهية بالقوة.
وأمّا المضلّعات فإن اعتبرنا الخطوط والسطوح والنقط ، كان عدد جهاتها عدد حدودها ، ويكون الخط والسطح جهتين باعتبار كونهما أطرافا ، لا باعتبار امتدادهما. وإن اعتبرنا في الجهة عدم الامتداد فيها مطلقا ، كانت جهاتها الفعلية هي النقط التي تناهت خطوطها بها لا غير. وأمّا بالقوة فغير متناهية كالكرة.
وقد يعرض فرض هذه الجهات الست لغير الإنسان من الحيوانات وغيرها بالقياس إلى الإنسان حتى الفلك ، فإنّ الجانب الشرقي منه يمينه والغربي يساره ، كالإنسان الذي يسمّى أقوى جانبيه الذي تظهر منه الحركة يمينا ومقابله يسارا ووسط سمائه يشبه (٤) القدام ، ومقابله الخلف ، وأحد قطبيه العلو والآخر سفله.
__________________
(١) في المباحث المشرقية : «ولكل خط من الخطوط المتقاطعة طرفان» ، وفي الشفاء : «وينتهي كلّ مقاطعة إلى طرفي الخط الذي عليه المقاطعة».
(٢) وهو انقسام الجهات إلى الست.
(٣) هذا وما بعده يضعّفان رأي المشهور كما في شرح الاشارات ، وشرح الشرح لقطب الدين الرازي ٢ : ١٧١ ـ ١٧٢.
(٤) ج : شبه.