مقتضاه أولى من الأخرى ، أو لا يقتضي شيء منهما شيئا من الجهتين.
وأيضا الحدود في المتشابهة بالفرض غير متناهية ، والجهتان بالطبع اثنتان فحسب ، فلا يكون التحديد مستندا إلى الخلاء والملاء المتشابهين. فتعيّن القسم الثاني ، وهو أن يكون التعيّن بشيء مختلف خارج ممّا يتشابه ، وذلك الشيء يستحيل أن يكون مجرّدا لتساوي نسبته إلى الجميع ، فيكون جسما أو جسمانيا ، لوجوب كونه ذا وضع. وإذا كان جسما فإمّا أن يكون جسما واحدا يحدّد الجهتين معا ، أو جسمين يحدّد كلّ واحد منهما واحدة منهما.
والجسم الواحد إمّا أن يحدد الجهتين من حيث هو واحد أو لا من حيث هو واحد. والجسمان إمّا أن يحددا بأن يكون أحدهما محيطا بالآخر ، أو بالمباينة ، فالأقسام أربعة :
أ ـ أن يكون المحدّد للجهتين جسما واحدا من حيث هو واحد ، وهو لا يمكن أن يكون محددا ، لأنّ كلّ امتداد فله جهتان هما طرفاه لوجوب تناهيه ، وكذلك الطبيعيتان فإنّهما طرفا امتداد ، فالمحدد يجب أن يحدّد جهتين معا ، والجسم الواحد من حيث هو واحد إن حدّد ما يليه بالقرب فلا يمكن أن يحدد ما يقابله ، لأنّ البعد عنه ليس بمحدود.
ب ـ أن يكون التحدد بجسمين على سبيل إحاطة أحدهما بالآخر ، وهو باطل ، ومع ذلك فإنّ المطلوب حاصل به. أمّا بيان بطلانه : فلأنّ المحاط به يكون داخلا في التحديد بالعرض لوقوع الاكتفاء بالمحيط في تحديد الامتدادين بالقرب الذي يتحدّد بإحاطته والبعد الذي يتحدّد بأبعد حدّ من محيطه وهو مركزه ، فلا يكون المحدد إلّا واحدا ، وأمّا حصول المطلوب به فلأنّ المطلوب هو إثبات محيط بالأجسام كلّها يميّز الجهات ويحدّدها ، وقد ثبت.