وأيضا الهيئة لفظ مشترك ، فيقال : ١ ـ هيئة الوجود. ٢ ـ هيئة الاستقلال والاستقرار. ٣ ـ هيئة الجوهرية والعرضية. ٤ ـ هيئة الجلوس. ٥ ـ هيئة التأثير والتأثّر ، والمشترك لا يستعمل في الرسم.
وقولكم : «لا يوجب تصوّره تصوّر شيء خارج عنه وعن حامله ، ولا نسبة ولا قسمة في أجزاء حاملها» لا فرق بينه وبين أن نقول : الكيف هو الذي لا يكون كما ولا وضعا ولا سائر الأعراض النسبية. ولو صرّح بذلك لم يكن تعريفا صحيحا ، وإلّا لصح ذلك في سائر المقولات ، بل ذلك أولى ، لأنّ الأمور النسبية لا تعرف ، إلّا بعد معرفة معروضاتها التي هي الكيفيات (١).
فإذن الأولى أن يقال (٢) : «الكيف هو العرض الذي لا يتوقف تصوّره على تصوّر غيره ، ولا يقتضي القسمة واللاقسمة اقتضاء أوّليا ، فخرج بقولنا «العرض» الباري تعالى والجوهر. وبقولنا «لا يتوقف تصوّره على تصوّر غيره» الأعراض النسبية. والكيف وإن لزم من تصوّره تصوّر غيره ، لكن لا على أنّ تصوّره معلول لتصوّر غيره ، بل على أنّ تصوّره علّة لتصوّر غيره. ويدخل فيه الصوت ؛ لأنّ تصوّره لا يتوقف على تصوّر غيره. وبقولنا «لا يقتضي القسمة واللاقسمة» نميّزه عن الكم والوحدة والنقطة ، لأنّهما يقتضيان اللاقسمة. وقولنا «أوّليا» ليدخل (٣) فيه العلم بما لا ينقسم ، فإنّه يمتنع من الانقسام ، لكن ذلك الاقتضاء ليس بأوّلي ، بل بواسطة وحدة المعلوم.
ولمّا كانت الأجناس العالية بسائط لم يمكن تعريفها إلّا بالرسم ، إمّا بأمور
__________________
(١) وكذلك الكمّيات ، كما قال به صدر المتألّهين في تعليقته على الشفاء ، ص ١٢١.
(٢) قال الرازي : «ولعل الأقرب أن يقال : الكيف هو العرض الذي لا يتوقف تصوّره على تصوّر غيره ولا يقتضي القسمة واللاقسمة في محله اقتضاء أوّليا».
(٣) كذا في المخطوطة ، وفي المباحث المشرقية : «احترزنا به عن العلم».