ذا كم (١) هو العلّة لهذه القابلية استحال أن تكون هناك كيفية أخرى تفيد هذه القابلية ، لأنّ ما ثبت لذات الشيء استحال احتياجه في إثباته له إلى شيء آخر.
وإذا ثبت أنّ استعداد الانفعال ليس بكيفية زائدة وجب أن يكون الاستعداد نحو اللاانفعال لعلّة وجودية لاستحالة أن يكون سببه نفس المادة التي هي علّة الاستعداد ، ولا أيضا زوال وصف عن المادة ، إذ ليس الاستعداد للانفعال علّة وجوديّة حتى يكون زوالها علّة الاستعداد للاانفعال.
فإذن علّة استعداد اللاانفعال أمر وجودي ، وهذا يوجب الظن بأنّ التقابل بين الصلابة واللين تقابل العدم والملكة.
وفيه نظر ؛ فإنّه لا يلزم من كون الوجودي لازما لأمر أن يكون ذلك الأمر وجوديا. والاستعداد لقبول الانغمار وإن كان حاصلا للمادة ، لكن الاستعداد لعدم قبوله أيضا حاصل للمادة ، ولا يكفي الاستعداد والقبول في الحصول.
قال الشيخ : «وأمّا الرطوبة واليبوسة والصلابة واللين ففي أمرها نظر ، فإنّها إمّا أن تكون ماهيتها هي أنّها استكمال استعداد في أن ينغمر ويتشكل بسهولة ، وفي أن لا ينغمر ولا يتشكل بسهولة. أو يكون أمرا آخر هو في نفسه موجود محصل ، وتلزمه هذه الكيفية ، ويكون إنّما يحس من جهة الأمر الآخر حتى تكون هذه الكيفية دليلا على ذلك الوجود الآخر. وهذا يتبيّن بأن يتأمل حاله في دخوله في الحس ، أهو له من حيث ينغمر ، أو لا ينغمر ، أو من جهة شيء آخر؟
أمّا أنّه لا ينغمر فعدمي ، إنّما يجب أن يحسّه الحس على سبيل تعطله كما يتعطل عند الظلمة. وإبصارنا للظلمة هو أن لا نبصر شيئا. ثمّ الصلب يشبه أن يكون إدراكنا له باللمس كالإدراك الوجودي (٢) ، واللين كغير الوجودي ، الذي لا يحسّ معه بممانعة أصلا.
__________________
(١) الكلمة مشوشة في المخطوطة ، وما أثبتناه من المباحث المشرقية.
(٢) في النسخ : «للوجودي» ، وما أثبتناه من المصدر.