وأن يكون متقرّرا مع الصفة ، وهذا يقتضي أن تكون هذه الحقائق متقررة ثابتة مع كونها معدومة ، وهو المطلوب.
الخامس : علّة الحاجة إلى المؤثّر إنّما هي الإمكان لا الحدوث على ما يأتي ، والإمكان حالة إضافية لا تتحقّق إلّا بين الأمرين ، ويستحيل عروض الإضافة للأمر الواحد ، فإذن الحقائق المفردة يستحيل عروض الإمكان لها ، فيستحيل أن تكون مجعولة ، فهي إذن ثابتة لأنفسها وذواتها ، وإنّما توجد بالفاعل ، فهي إذن ثابتة في العدم.
السادس : قال تعالى : (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (١) وصف الزلزلة بالشيئية وهي معدومة.
وكذا قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) (٢) وقوله تعالى : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً) (٣).
السابع : الماهيات غير مجعولة ، وإلّا لزم من فرض عدم الفاعل خروج الماهيّة عن كونها ماهية ، لأنّ كلّ ما تحقّقه بسبب غيره ، فإنّه يلزم من فرض عدم الغير عدم ذلك الأثر ، فلو كان الجوهر جوهرا بالفاعل أو السواد سوادا بالفاعل لزم عند فرض عدم ذلك السبب أن يخرج الجوهر عن كونه جوهرا ، والسواد عن كونه سوادا وذلك محال ، لأنّ قولنا : السواد خرج عن كونه سوادا ، قضية يجب صدق محمولها على موضوعها ، فيكون موضوعها ثابتا حال صدق محمولها عليها ، فيكون السواد ثابتا حال صدق خروجه عن السوادية وذلك محال ، فيثبت امتناع
__________________
(١) الحج / ١.
(٢) الحجر / ٢١.
(٣) الكهف / ٢٣.