مقولة الكم ؛ لأنّها تقبل المساواة واللامساواة ، وتقبل التجزئة (١) ، فتكون كمّا. وقد أبطله ابن الهيثم (٢) : بأنّ حقيقة الزاوية تبطل بالتضعيف مرة أو مرارا ، فإنّ القائمة تبطل إذا ضوعفت مرة ، ولا تبقى حقيقتها ، والحادة قد تضاعفت مرارا فتبطل ، ولا تبقى زاوية البتة، ولا شيء من المقدار تبطل حقيقته بالتضعيف.
وقال آخرون : إنّها من الكيف ، لأنّها تقبل المشابهة واللامشابهة. وليس ذلك بسبب موضوعها الذي هو كم ، فهو لذاتها ، فتكون كيفا. وأمّا قبولها للمساواة والمفاوتة فبسبب موضوعها الذي هو الكم ، كما أنّ الأشكال تقبل ذلك بسبب موضوعاتها التي هي كم.
اعترض : ويشكل بجواز كون المشابهة مقولة عليها بالعرض لا بسبب محلّها ، بل بسبب ما يحل فيها ، فإنّ الشيء كما يوصف بوصف محلّه بالعرض ، كذا يوصف بوصف حالّه بالعرض ، وهم لم يبطلوه.
وقال آخرون : إنّها من مقولة المضاف ، لأنّ اقليدس حدّها بأنّها تماس خطين. وقول اقليدس ليس حجة ، وبطلانه ظاهر ؛ لأنّ كلّ زاوية توصف بأنّها كبرى أو صغرى ، ولا شيء من التماس كذلك ، ولأنّ التماس محمول على الخطين بالشركة ، والزاوية ليست كذلك.
وقال آخرون : الزاوية المسطّحة مقدار متوسط بين الخط والسطح.
قال الشيخ (٣) : لا ينبغي أن يلتفت إلى ما قاله بعض المتكلّفين لما لا يعنيه :
__________________
(١) وتوصف بالصغرى والكبرى وبكونها نصفا وثلثا. شرح المواقف ٦ : ١٥٤.
(٢) محمد بن الحسن بن الهيثم أبو علي (٣٥٤ ـ نحو ٤٣٠ ه) مهندس من أهل البصرة ، يلقّب ببطليموس الثاني. له تصانيف في الهندسة. ويقول سارطون : «إنّ ابن الهيثم أعظم عالم ظهر عند العرب في علم الطبيعة ، بل أعظم علماء الطبيعة في القرون الوسطى» استوطن قبة على باب الجامع الأزهر إلى أن توفّي. أعلام الزركلي ٦ : ٨٣ ـ ٨٤.
(٣) المصدر نفسه : ٢١٥. وراجع أيضا الفصل الرابع من المقالة الثالثة من إلهيات الشفاء.