الأحبّاء ، وغير ذلك.
والعجب ممّن يدّعي أنه من فرط الرجولية مع ما يشاهد من أنّ ظهور آثاره في ذوي العقول الناقصة كالمجانين والصبيان والشيوخ والنسوان والمرضى أكثر من الكاملين في العقل سيّما ما يتعلّق برداءة الكيفية من ضرب البهائم والحيوانات وسبّ الريح والمطر والشمس والقمر وأنواع الجمادات وتمزيق الثوب ولطم الوجه ونحوهما من المضحكات.
فكلّ ذلك أبين شاهد على أنه ناش من نقصان العقل وضعف النفس.
ولو تتبّعت كتب التواريخ والأخبار وتأمّلت في طبقات الناس من الأخيار والأشرار علمت أنّ الحلم والعفو وكظم الغيظ من شيم الأنبياء والعلماء والحكماء وأكابر الملوك وغيرهم من العقلاء والحدّة والغضب من عادات الأداني والأراذل والجهّذال وضعفاء العقول من الرجال.
ثم إنّذه قد اختلف في امكان إزالته بالمرة ، فقيل بامتناعه لأنه مقتضى الطبيعة ، وإنما يمكن كسر سورته وتضعيفه كي لا يشتدّ هيجانه ، وقيل بإمكانه لشهادة التجربة بزوالها بمعالجاتها المقرّرة لها ، والذمّ عليها عقلاً ونقلاً ، ولا ذمّ على الممتنع.
والتتحقق أنّ جنس القوّة الغضبية كالشهوية والعقلية جبلية يستحيل قمعها ، لكنها قد تضعف عن القدر الممدوح شرعاً ، وقد تزيد وهما طرفا إفراطها وتفريطها المعدودان من الرذائل ، والممدوح اعتدالها بحيث يكون تحت حكم العاقلة تأتمر بأمرها وتنزجر بزجرها.
فمراد القائل بالامتناع قمع جنسها بالمرة وإماطتها بالكلّية ، وهو من البيّن الواضح الذي لاشكّ فيه ولا مرية.
ومراد القائل بالامكان إزالة نوع خاص منها ، أي طرف إفراطها ، ولاينافي ذلك إطلاق اللفظ ، فإنّ الشائع المتعارف في طرف التفريط إطلاق الجبن عليه ، وفي الاعتدال إطلاق الشجاعة عليه وفي