كما يدّعيه طائفة محقّقون عارفون أو ماهيّات إمكانيّة اعتبارية علماً وعيناً صادرة عنه بوجودات خاصّة ارتباطية بمحض الارادة والمشيّة كما زعمه قوم آخرون ، وأنّه لو لم يكن كذلك لم يتم دعوى كونه فوق التمام ، أو كان ما يستند إليه الأشياء بالنهج المذكور أتمّ منه وأقوى وأكمل وأبهى ، تيقّن بأنه ليس في عالم الوجود سواه وأنّ ماسواه أعدام محضة في نفسها ، فكيف يرفع اليد عنه تعالى ويطمع فيما في يد مثله في الحاجة ، ويرضى لنفسه بالذلّة والمهانة؟ ولو أعطوه شيئاً لم يخل إعطاؤهم عن المنّة والاهانة.
فلو قرّر هذه المطالب في نفسها فترت رغبته وهان ميله إلى الرياء وانقطع بشراشره إلى من إليه يرجع كلّ الأشياء. هذا مع شهادة التجربة بأنّ من آثر رضى الخلائق واقتفى أثر مدحهم وخاف من لومهم وذمّهم أخافه الله منهم وكشف عن سرّه فمقتوه وأبغضوه ، ومن آثر رضاه تعالى وأخلص له في قرباته كشف الله لهم عن إخلاصه وحبّبه إليهم وأطلق ألسنتهم بمدحه وكفّ ألسنة السوء عنه بقدرته النافذة.
ومن جملة معالجاته العملية تعويد نفسه على إخفاء العبادات وإغلاق الأبواب دونها كما تغلق في الفواحش حتّى لاتنازعه نفسه وإن شقّ عليه ذلك في بداية الأمر ، لكنّه يهون عليه بعد تدريجاً ويساعده لطف الكريم تحقيقاً ، ويمدّه من فضله وكرمه تأييداً وتوفيقاً ، والله لايضيع أجر المحسنين.
وهاهنا فوائد يحسن التنبيه عليها :
الأولى : لو عقد العمل على الإخلاص واستمرّ عليه إليه الفراغ لم يحبطه السرور بظهوره بعده لا من قبله ، ولا يعصي به أيضاً إن كان لأحد المقاصد الصحيحة والا كان عاصياً وإن كان من نفسه بالتحدّث بعده قيل بإحباطه ، لأنّ حبّ التحدّث يدلّ على انعقاد خفيّ من الرياء حال الاشتغال ، وايّد بقوله صلىاللهعليهوآله لمن قال : إنّي صمت الدهر : « لاصمت ولا