دائماً بدون انتفاع منه باستعماله فيما يراد منه كان كالنائم والميّت في الخلاص عن ألم الشهوات مع عدم حصول الغاية المقصودة منها ، فالعزلة أفضل له حينئذ ، ونحوه التأديب ، أي تهذيب من كان مستعدّاً ، فإنّه لايمكن الا بالمخالطة معه كالمعلّم ، ويتطرّق إليه من الرياء وسائر الأخطار ما يتطرّق إليه ، فلابدّ من التدقيق في مقابلة ما تيسّر له منه بما يتيسر من العزلة ثم إيثار ما هو الأفضل له.
ومنها : الاستيناس بالناس في مواضع العشرة والانس كمجالس الولائم والدعوات وهو حظّ للنف في الحال ، فما يكون مشتملاً على فعل حرام محرّم ، أو مباح مباح ، فما أو مستحبّ كالانس بالملازمين لسمة التقوى بمشاهدة أحوالهم واستماع أقوالهم ، فمستحب ، ومنه ما لو كان الغرض منه ترويح القلب لتهييج النشاط في العبادة ، فإنّه يعمى إذا أكره ويتنفّر بتكليف المداومة في الرياضة والعبادة ، فلا يستغنى المتزل أبداً عن رفيق يستأنس به في بعض الأوقات ، الا أنّه يجتهد في طلب من لايفسد عليه بقيّة أوقاته ، وليكن غالب محادثته في أمور الدين والتشكّي من أحوال القلب والتفحّص عمّا به بهتدي إلى الحقّ.
ومنها : نيل الثواب بحضور الجنائز وعيادة المرضى والجمعة والعيدين والجماعا ، بل الإملاكات والدعوات من حيث إدخاله السرور على قلب مسلم ، وكذا إنالة الثواب بفتح الباب ليعزّوه أو يهنؤوه أو يعودوه ، فينالوا به الثواب ، أو كونه من العلماء فينالوا بزيارته الثواب.
ومنها : التواضع ، فإنّه من أفضل المقامات ولا يقدر عليه في العزلة ، بل قد يكون سببها الكبر بتحقير الناس أو خوف أن لا يوقّر ولا يقدّم أو كون عزلته أدخل في عزّته وجاهه عند الناس أو خوف ظهور قبائحه لو خالطهم فلا يعتقدوا فيه الزهد والعبادة فيستتر بها عن مقابحه إبقاء لاعتقادهم فيه ، وعلامة هؤلاء أنهم يحبّون أن يزاروا ولا يزوروا ويفرحون بتقرّب العوام