ـ إلى أن قال ـ : وإن أردت أن تضع السلام موضعه وتؤدّي معناه فاتّق الله وليسلم دينك وعقلك وقلبك أن لاتدنّسها بظلمة المعاصي ، وليسلم حفظتك أن لاتبرمهم وتوحشهم وتملّهم منك بسوء معاملتك معهم ، ثم صديقك ، ثم عدوّك ، فإن لم يسلم من هو الأقرب إليه فالأبعد أولى ، ومن لايضع السلام موضعه فلا سلام ولا إسلام ولا تسليم وكان كاذباً في سلامه وإن أفشاه في الخلق » (١) والله المستعان.
تذنيب
تخليص الصلاة عن الآفات وأداؤها بالشروط الباطنة المذكورة يوجب نوراً في القلب تنفتح به العلوم والحقئق من صفات الله وأفعاله ودقائق علوم المعاملة وغير ذلك ممّا يهمّه ويكون في طلبه. على قدر صفائه عن الكدورات المختلفة بالقلّة والكثرة والقوّة والضعف والجلاء والخفاء ، فيختلف الانكشاف بسببه أيضاً.
قال النبي صلىاللهعليهوآله : « إنّ العبد إذا قام في الصلاة رفع الله الحجاب بينه وبين عبده ، وواجهه وبوجهه ، وقامت الملائكة من لدن منكبيه إلى الهواء يصلّون بصلاته ويؤمّنون على دعائه ، وإنّ المصلّي لينثر عليه البرّ من أعنان السماء تفتح للمصلين ، وإن الله يباهي ملائكته بصدق المصلّي ». (٢)
فرفع الحجاب وفتح أبواب السماء كناية عن إفاض المعارف والأسرار عليه ، فالعبد إذا جمع في عبادته بين هذه الأفعال بشروطها باهى الله به مائة ألف من ملائكته أو أكثر كما في الخبر ، إذ ليس لأحد منهم هذا القسم من العبادة ، بل لكلّ منهم فعل مخصوص أبداً ، فمن قائم لايركع أبداً ، ومن راكع لايسجد أبداً ، ومن ساجد لايقوم أبداً وهكذا. ( وما منا الا له مقام
__________________
١ ـ مصباح الشريعة : الباب ١٨ ، في السّلام ، مع اختلاف.
٢ ـ المحجّة البيضاء : ١ / ٣٩٥ ـ ٣٩٦.