والجسم البسيط إذا لاقى غيره لا بدّ له من هذه المقولة بأن يكون على يمينه أو يساره أو غير ذلك من الأوضاع ويكون ملاقيا له بطرف من أطرافه وكلّ طرف من البسيط فإنّه مساو للطرف الآخر ، فيصحّ على ذلك البسيط أن يلاقي ذلك الغير بالطرف الذي لا يلاقيه وإنّما يصحّ عليه ذلك إذا تحرّك ، فكلّ جسم فإنّه يصحّ عليه الحركة فيكون السكون ممكن الزوال ، وإذا كانت البسائط كذلك فالمركّبات أيضا كذلك ؛ لأنّها مركّبة من البسائط التي يجوز عليها الانتقال.
فقد ثبت أنّ الأجسام لا تنفكّ عن الحركة والسكون الحادثين.
وأمّا الثاني وهو أنّ كلّ ما لا ينفكّ عن المحدث فهو محدث فضروري.
لا يقال : لا يلزم من كون الشيء لا ينفكّ عن غيره أن يكون هو ذلك الغير ، فإنّ الجسم لا ينفكّ عن العرض ومع ذلك فليس هو بعرض.
لأنّا نقول : الفرق حاصل فإنّ البديهة (١) قاضية بأنّ ما لا يسبق المحدث فإنّه (٢) يجب أن يكون محدثا ولا يلزم من ذلك أن يكون ما لا ينفكّ عن العرض يجب أن يكون عرضا.
قال :
فإن قلت : أمنع المغايرة والملازمة.
أقول :
لمّا فرغ من الاستدلال أشار إلى ما يعترض به المخالف وبدأ بالمناقضة ، فقال :
__________________
(١) في «ف» : (البديهيّة).
(٢) قوله : (فإنّه) ليس في «د».