أقول :
هذا جواب عن الشبهة الرابعة (١) وهو بالمنع من وجود الزمان ، وإنّما هو أمر تقديريّ ، وهو عبارة عن مجموع أوقات ، والوقت مقارنة بعض الحوادث للبعض كطلوع الشمس ، فمعنى قولنا : وجد زيد من يومين أي من طلوع الشمس مرّتين وليس الزمان شيئا يحصل به مقارنة الحوادث بعضها لبعض ، وأيضا لو كان السبق يستدعي الزمان لكان سبق بعض أجزاء الزمان على بعض (٢) يستدعي الزمان ، ويلزم من ذلك التسلسل وهو محال.
لا يقال : إنّ الزمان أمر واحد ممتدّ من الأزل إلى الأبد ليس فيه تقدّم ولا تأخّر ، ولئن سلّمنا أنّ بين أجزائه تقدّما وتأخّرا لكنّه تقدّم ذاتيّ فلا يفتقر إلى زمان آخر ، لأنّا نجيب عن الأوّل ، بأنّا نعلم بالضرورة أنّ اليوم ليس هو أمس ، وليس أمس موجودا مع اليوم فكيف يفرض لشيء موجود مع معدوم وحدة ، ولأنّ الاتفاق واقع على أنّ الزمان غير قارّ بالذات.
وعن الثاني من وجهين الأوّل : أنّ أجزاء الزمان إمّا أن تكون متساوية أو مختلفة ، والثاني باطل على مذهبهم وإلّا لزم تركّب (٣) الزمان من الآنات المتتالية ؛ والأوّل يستحيل (٤) أن يكون بعض تلك الأجزاء فيه متقدّمة على البعض الآخر لتساوي الأجزاء في الماهية.
__________________
(١) تقدّم بيانها ص ١٣٧.
(٢) في «أ» «ب» : (البعض).
(٣) في «أ» «س» : (تركيب).
(٤) في «ف» : (مستحيل).