فهذه (١) الحجّة آتية في الحركة المستقيمة في المسافة المتّصلة المنقسمة فرضا.
ثمّ إنّه بعد إبطال هذه الحجّة استنبط حجّة اخرى ، وهي المذكورة في هذا الكتاب ، وتقريرها أن نقول : كلّ حركة توجد في الجسم فلا بدّ لها من علّة غير الجسم ، فإنّ الجسم لو تحرّك لذاته لما تحرّك لذاته لوجوب دوام كلّ جزء من أجزاء الحركة ولأنّه لو تحرّك لذاته لما عدمت الحركة عنه ، ولأنّه كان يلزم تحرّك جميع الأجسام ، ولأنّه إن لم يطلب مكانا طبيعيّا لم يتحرّك ، وإن طلب سكن عند الوصول إليه ، فإذن كلّ جسم متحرّك ، فإنّما يتحرّك بقوّة (٢) سارية في الجسم وتلك القوّة تسمّى ميلا.
إذا تقرّر هذا فنقول : إنّ علّة الوصول ممّا يصحّ وجودها في آن بخلاف الحركة ، وذلك لأنّها علّة للوصول (٣) الذي يوجد في آن ووجود المعلول يستلزم وجود علّته ، فعلّة الوصول موجودة في (٤) آن الوصول ، وعلّة المفارقة لا يصحّ أن تكون هي بعينها علّة الوصول ، وإلّا لكان الضدّان يصدران عن شيء واحد ، وذلك يستلزم اجتماعهما ، هذا خلف ، وتلك العلّة ممّا (٥) توجد في آن أيضا لما مرّ ، ولا يجوز اجتماعهما (٦) في آن واحد وإلّا لكان (٧) الجسم واصلا مفارقا في آن واحد لوجود علتيهما ، هذا خلف.
__________________
(١) في «ج» «ر» «ف» : (هذه).
(٢) في «أ» «ج» «د» : (وإنّما يتحرّك لقوّة) بدل من : (فإنّما يتحرّك بقوّة).
(٣) في «د» : (الوصول) ، وفي «أ» : (للوصف).
(٤) (في) لم ترد في «ب».
(٥) في «س» : (إنّما).
(٦) من قوله : (هذا خلف) إلى هنا سقط من «ف».
(٧) في «س» : (كان).