إنّ الحروف والأصوات قديمة (١).
واحتجّت المعتزلة بالعقل والنقل ؛ أمّا العقل فلأنّ الكلام مركّب من الحروف والأصوات المتتالية التي لا توجد دفعة واحدة ، فالمتأخّر من الحروف حادث لمسبوقيّته بالمتقدّم ، والمتقدّم حادث لعدمه ، فإنّ القديم لا يعدم ، فالمركّب بالضرورة حادث (٢) ، وأمّا النقل فقوله تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) (٣) وصف الذكر بالحدوث (٤) والذكر هو القرآن لقوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ) (٥) (٦).
قال :
احتجّ الأشعري بأنّه صفة له فتكون قديمة ، جوابه (٧) : صفة إضافيّة والمعنى إن عنى به العلم فمسلّم وإلّا فغير معقول.
أقول :
الأشعري احتجّ على قدم الكلام بأنّه صفة الله تعالى فلا تكون حادثة وإلّا قامت الحوادث بذاته (٨).
والجواب : أنّ الصفات منها حقيقيّة يلزمها الإضافة كالقدرة والعلم ، ومنها
__________________
(١) حكاه عن بعض الحنابلة في فتح الباري ١٣ : ٣٨٨.
(٢) قوله : (لمسبوقيّته بالمتقدّم) إلى هنا سقط من «ف».
(٣) الأنبياء : ٢.
(٤) في «ر» : (بالحادث).
(٥) النحل : ٤٤.
(٦) المغني في أبواب العدل والتوحيد (خلق القرآن) : ٨٦.
(٧) في «د» «س» : (جواب).
(٨) انظر الأربعين للرازي ١ : ٢٥٠ ، وحكاه عنه الخواجة نصير في تلخيص المحصّل : ٢٨٩.