قال :
أجاب المثبتون بأنّ الصفات تبقى ببقاء الذات. قيل : فتعلم الصفات بعلم الذات. أجابوا بمنع الملازمة ، وبالفرق بأنّ الصفات (١) لازمة لذاته ، فإذا بقيت بقيت إذ دوام الملزوم ملزوم لدوام اللازم ، وليس كذلك في العلم.
أقول :
أجاب القائلون بثبوت البقاء عن الحجّة الخامسة بوجوه ثلاثة :
الأوّل : إنّ الصفات تبقى ببقاء الذات لا ببقاء آخر قائم بها.
اعترض عليهم النفاة بأنّه لو جاز أن تبقى الصفة ببقاء الذات لجاز أن يعلم (٢) الصفة بعلم الذات وتقدّر بقدرة الذات ، فيكون كلّ واحد من الصفات قادرا عالما حيّا موجودا فيلزم تعدّد الآلهة ، وهو محال.
أجابوا بمنع (٣) الملازمة فإنّ الصفات مختلفة ، فالقدرة والعلم مغايران للبقاء ، فلا يلزم من كون الصفة باقية لأجل بقاء الذات كونها عالمة بعلم الذات ، وأيضا الفرق حاصل بين بقاء الصفة لبقاء الذات وعلمها بعلمها ، وذلك لأنّ الصفة لازمة لذاته ، ودوام الملزوم يستلزم دوام اللازم ، وليس علم الملزوم يستلزم علم اللازم ، ولا قدرته قدرته ؛ فاندفع الإشكال.
قال :
وأجاب أبو إسحاق (٤) بأنّ الذات باقية بالبقاء والصفات بذاتها.
__________________
(١) في «ف» : (بالصفات) بدل من : (بأنّ الصفات).
(٢) في «ر» : (نعلم).
(٣) في «ف» : (وأجابوا : نمنع) بدل من : (أجابوا بمنع).
(٤) هو إبراهيم بن محمّد بن إبراهيم ، عالم بالفقه والأصول والكلام ، ولد في مدينة اسفراين