فلا يصحّ أن تناله العيون وأن يحيط بكنهه العلوم بخلاف المعدوم.
لا يقال : قوله تعالى (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) سالبة جزئيّة ضرورة كون قولنا : تدركه الأبصار موجبة كلّيّة.
لأنّا نقول : نمنع (١) عموم ما دخل عليه اللام من أسماء الجموع (٢).
لا يقال : هذا غير مبطل لما ذهبنا إليه لأنّ النفي إنّما هو الإدراك البصري ، ونحن نقول بذلك ، إلّا أنّ موضع الخلاف هو أنّ الناظر منّا إنّما يدرك الشيء إمّا بواسطة الشعاع أو (٣) بواسطة الانطباع وتحصل (٤) له عند إحدى (٥) هاتين الحالتين معنى زائد هو (٦) الإدراك ، فهل يجوز حصول مثل هذا المعنى الزائد في حقّ الله تعالى من غير الانطباع والشعاع أم لا يمكن (٧)؟ ولا شكّ أنّ الإدراك البصري المنفي في الآية إنّما هو الانطباع والشعاع.
لأنّا نقول : ذلك المعنى الذي تشيرون إليه إن عنيتم به نهاية العرفان فهو مسلّم ، ولا ننازعكم فيه ، فإنّه يجوز أن يعلم الله تعالى علما ضروريّا في الآخرة من غير انطباع وشعاع ، وإن عنيتم به معنى آخر ، فلا بدّ من بيانه ، فيرجع (٨) حاصل النزاع
__________________
(١) في «أ» : (يمنع).
(٢) في «ف» : (المجموع).
(٣) في «ف» : (و).
(٤) في «س» : (حصل).
(٥) (إحدى) لم ترد في «ر» «ف».
(٦) في «ج» «ر» «ف» : (وهو).
(٧) (يمكن) لم ترد في «ف».
(٨) في «د» «س» : (فرجع).