وأيضا فإنّه لا أولويّة في كون أحد الجسمين في جهة وعلى بعد معيّن من الآخر دون غير تلك الجهة ، وغير ذلك البعد وإن كان الثالث يحدّد (١) به القرب أيضا دون البعد فلم يبق إلّا أن يكون المحدّد محيطا يتحدّد بمحيطه (٢) القرب منه ، وبمركزه البعد عنه (٣).
والاعتراض من وجوه :
أحدها : لم قلتم إنّ هناك جهتين متمايزتين بالطبع ومختلفتين في الحقيقة ، فإنّ الجهة عندكم هي طرف البعد ، ولا شكّ في أنّ أطراف (٤) البعد غير مختلفة في الحقيقة.
الثاني : أنّ الجهة إمّا أن تجعلوها طرف البعد أو أمرا لاحقا له ؛ والأوّل لا يستدعي المحدّد لأنّ الأبعاد متناهية ، فوجودها مستغن عن المحدّد ، وتمايزها بسبب الوضع فلا احتياج إلى المحدّد ، والثاني لا يستدعي المحدّد أيضا لأنّ الحاجة إلى المحدّد إمّا أن تكون لوجود ذلك المعنى في نفسه أو لوجوده في الطرف ، والقسمان باطلان ؛ فإنّ وجوده مستند (٥) إلى واجب الوجود ، وكذلك اختصاص أحد الطرفين به دون الآخر.
__________________
(١) في «ر» : (يتحدّد).
(٢) في «ر» : (يحدد محيطه) ، وفي «ج» : (يحدد لمحيطه) ، وفي «س» : (متحدد بمحيطه) بدل من :
(يتحدد بمحيطه).
(٣) انظر شرح الإشارات ٢ : ١٧٦ ، وحكاه المصنّف عن الفلاسفة في نهاية المرام في علم الكلام ١ : ٤٥٦.
(٤) في «ف» : (طرف).
(٥) في «أ» : (يستند).