و (١) وجد آخر أو عدم أحدهما فلا اتّحاد ، بل هو استئناف موجود وعدم آخر.
أقول :
الاتّحاد يطلق بحسب المجاز على صيرورة شيء شيئا آخر بحسب الاستحالة ، والكون (٢) ، كما نقول : صار الأسود أبيضا ، والهواء ماء ، وبحسب التركيب بأن ينضاف إلى الصائر شيء آخر يحدث الكائن منهما كما نقول : صار التراب طينا. ويقال (٣) بحسب الحقيقة لا على هذين المعنيين ، بل على أنّ شيئا واحدا بعينه صار شيئا آخر بعينه (٤).
وهذا غير معقول ، وقد ذهب إليه في حقّ الله تعالى النصارى فإنّهم قالوا باتّحاد (٥) الأقانيم الثلاثة : اقنوم الأب واقنوم الابن واقنوم روح القدس (٦) ، وذهب إليه فرفوريوس (٧) فإنّه قال : إنّ الله تعالى إذا عقل شيئا اتّحدت ذاته بذلك الشيء المعقول (٨) ، ووافقه على ذلك جماعة من الأوائل غير محقّقين (٩) ، وردّ ابن سينا
__________________
(١) الواو ليست في «ف».
(٢) في «ج» «د» «ر» «ف» : (اللون).
(٣) (ويقال) ليست في «ف».
(٤) انظر الكليات : ١١ ، مفتاح الباب : ١٣٤ ، النافع يوم الحشر : ٢١ ، شرح المصطلحات الكلاميّة : ٤.
(٥) في «س» : (بايجاد) ، وفي «ف» : (بالاتحاد).
(٦) حكاه عن النصارى الخواجة نصير الدين الطوسي في تلخيص المحصّل : ٢٦٠ ، وانظر اللوامع الإلهيّة للفاضل المقداد : ١٥٧ ، وكتاب المبدأ والمعاد من إلهيّات الشفاء : ١٣٥ ، ومناهج اليقين : ٣٢٣ ، وفي الطبعة الأخرى : ٢٠٥.
(٧) فرفوريوس : من حكماء اليونان ، وقد كان على منهج أرسطو في غالب نظريّاته وقد شرح كلام أرسطو ، وقد عمل كتابا في نظريّة اتّحاد العاقل والمعقول (الملل والنحل للشهرستاني ٢ : ١٥٥ ، شرح الإشارات ٣ : ٢٩٥).
(٨) نسبه إليه في شوارق الإلهام : ٥١٦ ، وحكاه عنه الخواجة نصير في تلخيص المحصّل : ٢٦٠.
(٩) انظر الحكمة المتعالية للملّا صدرا ٦ : ١٨١.