أقول : ذهب أبو هاشم إلى أنّ ذات الله تعالى مساوية لغيرها من الذوات ، وإنّما تمتاز عنها بحالة خامسة توجب أحوالا أربعة (١) هي القادريّة ، والعالميّة ، والموجوديّة ، والحيية (٢). ونقل عن أبي علي أنّ ذاته مساوية للذوات ، وإنّما تمتاز عنها بالمبائنة (٣).
والحقّ خلاف هذا ، ويدلّ عليه وجوه :
الأوّل : أنّه لو كان مساويا لغيره ، فإمّا أن يكون مخالفا له أو لا؟ والثاني باطل وإلّا لكانا (٤) واحدا ، وإن كان الأوّل فما به المخالفة إن كان مقوّما لزم التركيب ، وإن كان خارجا فإمّا أن يكون مساويا لذاته تعالى أو مخالفا ، وعلى التقدير الأوّل يلزم التسلسل ، وإن كان مخالفا لذاته بالذات فهو أولى بالذاتيّة.
الثاني : أنّ الذاتين المتساويّتين يجب (٥) اشتراكهما في اللوازم ، فلو ساوت ذات الله تعالى غيرها لزم انقلاب القديم محدثا ، والمحدث قديما ، والواجب ممكنا ، والممكن واجبا.
__________________
(١) في «ب» زيادة : (و).
(٢) حكاه عن أبي هاشم الفخر الرازي في كتاب المحصّل : ٣٥٧ ، والخواجة نصير في تلخيص المحصّل : ٢٥٧.
(٣) حكاه عن أبي علي سينا الفخر الرازي في كتاب المحصّل : ٣٥٧ حيث قال : .. وخلافا لأبي علي سينا حيث زعم أنّ ماهيّته نفس الوجود والوجود مسمّى مشترك فيه بين كلّ الموجودات ، وزعم أنّه إنّما امتاز عن الممكنات بقيد سلبي ، وهو أنّ وجوده غير عارض لشيء من الماهيّات ، وسائر الوجودات عارضة لها ، وحكاه أيضا عن ابن سينا في تلخيص المحصّل : ٢٥٧.
(٤) في «ج» «ر» «ف» : (لكان).
(٥) في «ف» : (بحسب).