الامور وبحسنها ، وهذا لا شكّ فيه ، فإنّ تكليف الأعمى نقط المصحف (١) وتكليف الزمن (٢) الطيران إلى السماء ، وذمّ الإنسان غيره على كون الكواكب في السماء وغير ذلك (٣) معلوم (٤) لكلّ العقلاء.
وثانيا : في أنّ العلم بهذه الأشياء مستفاد من العقل ، وذلك لأنّا نجد أنفسنا خالية من القضايا الشرعيّة والاعتقادات السمعيّة ثمّ نعرض عليها مثل هذه القضايا ، فإنّا نجدها حاكمة بذلك ، بخلاف قبح ترك الصلاة ، فإنّا مع فرض خلوّنا عن الشرع لا نحكم بذلك ، فافترقا.
الثاني : أنّ من ينكر الشرائع يعترف بقبح بعض الأشياء كالبراهمة ، ويستندون في ذلك إلى العقل.
الثالث : أنّه لو لم يقبح (٥) في العقل شيء لارتفع الوعد والوعيد لأنّا حينئذ نجوّز صدور الكذب من الله تعالى لكونه غير قبيح ، وذلك ينفي القول بالشرائع.
الرابع : لو لم يحسن بعض الأشياء ويقبح الآخر لجاز تكذيب النبيّ الصادق وتصديق المتنبي الكاذب ، وهو باطل بالضرورة (٦).
لا يقال : إنّ (٧) العقلاء يجزمون بقبح بعض الأشياء وحسن بعضها ، ولكن ذلك الجزم جاز أن يكون من القضايا الوهميّة ، فإن قلتم : إنّهم يعلمون بذلك ضرورة
__________________
(١) في «ب» : (المصاحف).
(٢) في «أ» «س» : (الزمنى). والزمن : المريض المقعد.
(٣) (وغير ذلك) لم يرد في «ج» «ر» «ف».
(٤) في «ب» زيادة : (قبحه).
(٥) في «س» : (يصحّ).
(٦) حكى هذه الوجوه المصنّف في مناهج اليقين : ٣٥٨ ، وفي طبعة الأنصاري القمي : ٢٣٠.
(٧) (إنّ) من «ج» «ف».