غرضا فإنّ (١) نفع الغير صالح لأن يكون غرضا للحكيم وإن لم ينتفع به.
قال : وهو واجب وإلّا لكان مغريا بالقبيح للطلب الطبيعي له فلا بدّ له من زاجر.
أقول : ذهبت المعتزلة إلى أنّ التكليف واجب على الله تعالى خلافا للأشاعرة ، واستدلّوا على ذلك بأنّه لو لم يكلّف من كملت شرائط التكليف فيه لزم الإغراء بالقبيح ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطيّة : أنّه إذا خلق شخصا (٢) وأكمل (٣) عقله وركّب فيه الشهوة الطبيعيّة وعرف أنّه غير مكلّف أقدم على فعل القبائح وترك الحسن ، فلو لم يقرّر في عقله وجوب الواجب وقبح القبيح وإلّا لكان مغريا له بالقبيح.
وأمّا بطلان التالي فلأنّ الإغراء بالقبيح قبيح (٤).
لا يقال : إنّ العاقل يعلم بمقتضى عقله حسن الحسن ومدح العقلاء على فعله (٥) ، وقبح القبيح وذمّ العقلاء على فعله ، والمدح داع إلى الفعل ، والذمّ صارف عنه ، فلا يلزم من عدم التكليف الإغراء بالقبيح.
لأنّا نقول : العلم بالمدح وبالذمّ (٦) غير كاف في الفعل والترك ، فإنّ العقلاء
__________________
(١) في «د» : (لأنّ).
(٢) في «ج» : (شيئا).
(٣) في «ف» : (كمل).
(٤) المغني في أبواب العدل والتوحيد (التكليف) : ٤٠٨ ، وانظر قواعد المرام في علم الكلام لابن ميثم البحراني : ١١٥.
(٥) قوله : (ومدح العقلاء على فعله) لم يرد في «س».
(٦) في «ب» «ر» «ف» : (والذمّ).