أقول : اختلفت العدليّة في أنّه هل يجوز أن يمكّن الله تعالى الظالم من الظلم ولا عوض له في الحال يوازيه؟ فجوّزه أبو القاسم الكعبي المعروف بالبلخي وأبو هاشم (١) ، ومنعه السيّد المرتضى (٢).
احتجّا بأنّه من المستبعد أن يكون في جنب (٣) الظالم القاهر اليد أعواض توازي ظلمه الواصل إلى كلّ (٤) واحد واحد.
وهذا ضعيف ، فإنّه لا استبعاد في أن يحصل له من الآلام التي يفعلها الله تعالى به ما (٥) يستحقّ بها أعواضا كثيرة توازي ما يفعله من الظلم ، فإنّ العوض المستحقّ عليه مواز لفعله والمستحقّ على الله تعالى أزيد.
ثمّ إنّهما اختلفا فقال البلخي : يجوز خروجه من الدنيا ولا عوض له ، بل يتفضّل الله عليه ، وقال أبو هاشم : لا يصحّ لأنّ التفضّل جائز والعوض واجب ولا يصحّ تعليق (٦) الواجب بالجائز ، فردّ عليهما السيّد المرتضى رحمهالله بأنّ الانتصاف واجب ، والتبقية والتفضّل جائزان فلا تعلّق بهما (٧).
__________________
(١) حكاه عنهما السيّد المرتضى في جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) ٣ : ١٤ ، والمصنّف في مناهج اليقين : ٣٩٥ ، وفي طبعة الأنصاري القمي : ٢٥٩.
(٢) شرح جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) ٣ : ١٤.
(٣) في «ف» : (حيث).
(٤) (كلّ) ليس في «ف».
(٥) (ما) لم ترد في «د» «ف».
(٦) في «س» : (تعلّق).
(٧) شرح جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) ٣ : ١٦ ، وانظر مناهج اليقين : ٣٩٥ وفي طبعة الأنصاري القمي : ٢٥٩.