ورابعها : أنّه يجوز أن يكون ذلك من فعل الجنّ والشياطين ، والقطع بثبوتهم وإن كان مستفادا منه (١) ، إلّا أنّ التجويز حاصل قبل ثبوت نبوّتهم (٢).
وخامسها : أن يكون ذلك من فعل بعض الملائكة.
لا يقال : الملائكة معصومون لا يصدر عنهم القبيح ، وفعل المعجز على يد الكاذب قبيح.
لأنّا نقول : عصمتهم إنّما ثبت (٣) بقولهم ، وقولهم إنّما يكون حجّة لصدقهم ، وصدقهم متوقّف على عصمتهم ؛ فيلزم الدور.
قال :
سلّمنا ، لكن لا نسلّم أنّ الغرض التصديق لجواز أن يكون ابتداء عادة ، فإنّ كلّ حادث خارق للعادة ولجواز أن يكون التصديق لنبيّ آخر وللإرهاص (٤) أو فعله عقيب الادّعاء كالمتشابه.
أقول :
هذا اعتراض (٥) على المقدّمة الثالثة ، وهي أنّ الله تعالى فعله لأجل التصديق ، وبيانه من وجوه :
الأوّل : أن يكون ابتداء عادة ، فإنّ ابتداء خلق كلّ شيء يكون خارقا للعادة ، وليس معجزا ، لأنّ المراد استمراره.
__________________
(١) في «أ» «د» «س» : (منهم).
(٢) في «ب» : (ثبوتهم) بدل من : (ثبوت نبوّتهم).
(٣) في «ب» «ف» : (يثبت).
(٤) في «ج» «ر» «ف» : (الإرهاص).
(٥) في «ج» «د» : (الاعتراض).