الأوّل : أنّ القول بالتكليف محال فالقول بالنبوّة محال :
أمّا الأوّل فلأنّ الجبر (١) حقّ على ما مضى ، فلو كان التكليف حاصلا لزم أن يكون الله تعالى فاعلا للقبيح ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
وأمّا الثاني فلأنّ النبيّ إنّما يأتي لبيان التكاليف (٢) ، فإذا انتفت (٣) انتفت النبوّة.
قال :
ولأنّ الغرض إن كان معلوم الوقوع فلا حاجة إليه وإلّا فعبث أو العدم فظلم.
أقول :
هذا هو الوجه الثاني لنفاة النبوّة ، وتقريره : أنّ الغرض من النبوّة هو التكليف ، فهو إمّا أن يكون معلوم الوقوع ، وهو يستلزم الغنى عن النبوّة فتكون النبوّة عبثا ، أو معلوم العدم فيلزم (٤) الظلم ، لأنّه إذا كلّف مع علمه بأنّه لا يقع كان الظلم حاصلا.
قال :
ولأنّ الفعل إمّا معلوم الحسن أو (٥) القبح ولا (٦) حاجة إليه ، أو مجهولهما ، فإن احتيج إليه حسن ، وإلّا ترك لاحتمال الضرر ، فلا حاجة إلى النبيّ.
أقول :
هذه شبهة ثالثة وهي من شبه (٧) البراهمة ، قالوا : إنّ النبيّ لا فائدة فيه ،
__________________
(١) في «أ» «ف» : (الخبر).
(٢) في «ب» «د» «ف» : (التكليف).
(٣) في «ب» : (انتفى).
(٤) في «ف» : (فيكون).
(٥) في «ف» : (و).
(٦) في «ج» «ر» : (فلا).
(٧) في «ف» : (شبهة). وهم قوم لا يجوزون على الله تعالى بعثة الرسل وهم من كفرة الهند يقدّسون العقل منسوبون إلى رجل يدعى براهم (الملل والنحل ٢ : ٢٥٨).