أقول :
ذهبت المعتزلة إلّا البلخي إلى أنّ الثواب والعقاب إنّما هو باستحقاق المكلّف على طاعته ومعصيته ، وذهب البلخيّ إلى أنّه تفضّل ، والدليل على أنّ الثواب مستحق أنّ التكليف بدون (١) عوض قبيح من حيث إنّه مشقّة ، فنقول : ذلك العوض إمّا أن يمكن الابتداء به أو لا ، والأوّل باطل وإلّا لكان توسّط التكليف عبثا ، فلم يبق إلّا الثاني ، والعوض الذي لا يصحّ الابتداء به هو الثواب ، وهو النفع المستحقّ المقارن (٢) للتعظيم والإجلال.
لا يقال : استحقاق الثواب والعقاب بالطاعة والمعصية إمّا أن يتوقّف على الموافاة أو لا يتوقّف ؛ فإن كان الأوّل كان معلول العلّة (٣) وهو الاستحقاق غير حاصل مع العلّة وهي الطاعة والمعصية بل مع عدمها ، هذا خلف ، وإن كان الثاني لزم أن يكون المرتدّ يثاب ثواب المؤمن لأنّ الإيمان الصادر عنه أوّلا يستحقّ به الخلود فإذا ارتدّ بعد ذلك لم يسقط استحقاقه الأوّل لما بيّنّا من إبطال الإحباط والتكفير.
لأنّا نقول : إنّ استحقاق الثواب يتوقّف على الاستمرار على الإيمان ، وعلامة ذلك الموافاة ، لا أنّ (٤) الموافاة سبب لحصول الاستحقاق.
واحتجّ البلخي بأنّ نعم الله تعالى كثيرة وشكره (٥) واجب ، والشكر إنّما هو
__________________
(١) في «د» : (دون).
(٢) في «س» : (المفارق).
(٣) (العلّة) لم ترد في «د».
(٤) في «ب» «د» «س» : (لأنّ).
(٥) (وشكره) لم ترد في «د» ، وفي «ب» : (فشكره).