أقول : قد ذكرنا أنّ شرط (١) النظر عدم العلم وعدم الجهل المركّب ، فبين النظر وبين وجودهما منافاة ، والمنافاة قد تكون ذاتيّة كالتنافي بين اجتماع الضدّين ، وقد تكون للصارف كالشبع والأكل.
والمتكلّمون (٢) اختلفوا في ذلك : فذهب قوم إلى أنّ امتناع الاجتماع ذاتيّ ، لأنّ النظر شرطه عدم العلم ، وبين عدم العلم وبين وجوده منافاة ذاتيّة ، وذلك يستلزم التنافي الذاتي بين النظر وبين العلم ، لأنّ المنافاة بين الشرط ونقيضه قريبة من المنافاة بين المشروط ونقيض الشرط. وكذلك الجهل المركّب لأنّ النظر شرطه عدم الجزم ، والجاهل جازم (٣).
والحقّ التفصيل ، فإنّ المنافاة في الأوّل للذات لما مرّ (٤) ، وأمّا في الثاني فللصارف ، فإنّ الاعتقاد الحاصل للجاهل يصرفه عن الطلب ، ويمكن أن يحصل له العلم عقيب النظر لا بالطلب بل يقع اتّفاقيا (٥).
قال :
لأنّ معرفة الله تعالى واجبة لكونها (٦) دافعة للخوف الحاصل من الاختلاف وغيره ، وهي متوقّفة عليه.
__________________
(١) في «ج» «ر» «ف» زيادة : (حصول).
(٢) في «ج» «ف» زيادة : (قد).
(٣) انظر شرح المقاصد للتفتازاني ١ : ٢٥٧.
(٤) في «ج» «ر» «ف» : (لما قرّر) ، وفي «د» : (كما مرّ).
(٥) في «أ» «د» : (اتفاقا).
(٦) في «ج» «ر» «ف» : (لأنّها).