حيث أنه أخبر بوقوع مطلوبه في مقام طلبه إظهاراً بأنه لا يرضى إلا بوقوعه فيكون آكد في البعث من الصيغة كما هو الحال في الصيغ الإنشائية على ما عرفت من أنها أبداً تستعمل في معانيها الإيقاعية لكن بدواع أخر كما مر (لا يقال) : كيف ويلزم الكذب كثيراً لكثرة عدم وقوع المطلوب كذلك في الخارج تعالى الله وأولياؤه عن ذلك علواً كبيراً (فانه يقال) : إنما يلزم الكذب إذا أتي بها بداعي الاخبار والاعلام لا لداعي البعث ، كيف وإلا يلزم الكذب في غالب الكنايات فمثل : زيد كثير الرماد ، أو مهزول الفصيل ، لا يكون كذباً إذا قيل كنايةً عن جوده ولو لم يكن له رماد وفصيل أصلا ، وإنما يكون كذباً إذا لم يكن بجواد فيكون الطلب بالخبر في مقام التأكيد أبلغ فانه مقال بمقتضى الحال. هذا
______________________________________________________
إعلامه بأن المخبر عالم بمضمون الخبر كما في قولك : قد حفظت القرآن ، وقد يكون المقصود إعلامه بالإرادة وعدم الرضا بالترك ليترتب عليه البعث كما في الأمثلة المتقدمة فلا تكون مجازاً بل حقيقة لأنها مستعملة في الاخبار عن الغسل والوضوء والإعادة بداعي البعث لا بداعي الإعلام (١) (قوله : حيث انه أخبر) تعليل لكونه آكد في الاخبار عن الطلب ، ووجه ما ذكره أن الوقوع يلازم الطلب غير المزاحم بالدواعي الشهوية ، فيدل الوقوع على ثبوت الطلب المذكور فضلا عن أصل الطلب (٢) (قوله : كما هو الحال) تمثيل لاستعمالها في الاخبار لغير داعي الإعلام (٣) (قوله : كيف ويلزم) يعني لو كانت مستعملة في الاخبار لا الإنشاء يلزم الكذب لعدم تحقق المخبر عنه غالباً (٤) (قوله : إذا أتي بها بداعي) يعني أن الكذب والصدق ليسا من صفات مطلق الخبر بل خصوص الخبر المقصود به الاعلام فإذا فرض أن الجمل المذكورة لم يقصد منها الاعلام فلا تتصف بالكذب ليلزم من حملها على الخبر الكذب الممتنع «أقول» : هذا خلاف ظاهرهم من حصر الخبر في الصادق والكاذب ومن تعريف كل من الصدق والكذب فراجع ، (٥) (قوله : في غالب الكنايات) المعنى المكنى به في الكنايات لم يقصد الاخبار