الكلي العقلي عليها حيث لا موطن له الا الذهن فامتنع امتثال مثل : سر من البصرة ، إلا بالتجريد وإلغاء الخصوصية. هذا مع أنه ليس لحاظ المعنى حالة لغيره في الحروف إلا كلحاظه في نفسه في الأسماء ، وكما لا يكون هذا اللحاظ معتبراً في المستعمل فيه فيها كذلك ذاك اللحاظ في الحروف كما لا يخفى (وبالجملة) : ليس المعنى في كلمة (من) ولفظ الابتداء مثلاً إلا الابتداء ، فكما لا يعتبر في معناه لحاظه في نفسه ومستقلا كذلك لا يعتبر في معناها لحاظه في غيره وآلة ، وكما لا يكون لحاظه فيه موجباً لجزئيته فليكن كذلك فيها «إن قلت» : على هذا لم يبق فرق بين الاسم والحرف في المعنى (ولازم) ذلك كون مثل كلمة (من) ولفظ الابتداء مترادفين صح استعمال كل منهما في موضع الآخر وهكذا ساير الحروف مع الأسماء الموضوعة لمعانيها وهو باطل بالضرورة كما هو واضح «قلت» : الفرق بينهما إنما هو في اختصاص كل منهما بوضع حيث انه وضع الاسم ليراد منه معناه بما هو هو وفي نفسه والحرف ليراد منه معناه لا كذلك بل بما هو حالة لغيره ـ كما مرت الإشارة إليه غير مرة ـ فالاختلاف بين الاسم والحرف في الوضع يكون موجباً لعدم جواز استعمال
______________________________________________________
يمكن أن يستشكل فيه بأن اللحاظ المأخوذ قيداً فيه متعلق بالأمر الاعتباري أعني نفس الإضافة ، واللحاظ المصحح للاستعمال متعلق بالوجود الذهني وهما متغايران فلا مانع من اجتماعهما من حيث كونهما مثلين لتغاير متعلقهما. نعم اللحاظ الأول لما كان فانياً في الملحوظ الاعتباري امتنع أن يكون موضوعاً للحاظ ثانياً لأنه لا يكون كذلك حتى يلحظ مستقلا ، فتأمل (١) (قوله : الكلي العقلي) كان الأولى أن يقول : الجزئي الذهني ؛ لأن المعنى الحرفي في نفسه ليس كلياً طبيعياً ، ولو كان لا يكون بقيد وجوده الذهني كلياً عقلياً ، لأن الكلي العقلي هو الطبيعي المقيد بوصف الكلية وتقييده باللحاظ غير وصف الكلية فلاحظ (٢) (قوله : إلا بالتجريد) تجريده إنما يكون بملاحظته خارجياً وإلا فالكلي العقلي لا ينطبق على الخارج (٣) (قوله : حيث انه وضع الاسم) هذا الاختلاف اختلاف في